رأي ومقالات

دموع خالد مشعل في الخرطوم ودقيقة صمت حداد بأبيي..


لم تجف الأجفان بعد من نبع الدموع ولا مداد الأقلام من الكتابة، ولا انفراد الوجوه بالبسمة التى تكسوها مسحة وحي تعابير الحزن الذي خلفه مشهد رحيل الدكتور حسن عبدالله الترابي رحمة الله عليه، وماذا نحن قائلون عن راحل ملأ الساحة شهرة في الحياة والممات.
الراحل بحق كان وما زال وسيظل ظاهرة دينية وسياسية واجتماعية متفردة، رغم المصاب استوقفتني مشاهد لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام لأنها تحمل سر المعانى لحياة رجل اتفق معه الناس أم اختلفوا في مسيرة طويلة مليئة بالبذل والعطاء ولا تخلو من جد واجتهاد في ضروب العلم والحياة في المحيطين الأقليمي والدولي لفكر تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل، بل رسم منهجا لا يضل الطريق الى العقول والقلوب معاً، ولا تعرقل مسيرته الحدود السياسية المرسمة أو التضاريس الطبيعية مثل حواجز الجبال وعرض البحار والمحيطات والصحارى، ولا يحتاج الى تأشيرة دخول للعواصم، وهو ذلك الذي استوقفنى ومعي كثر من عباد الله، وكذلك دموع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المجاهد الكبير خالد مشعل – خالد عبد الرحيم إسماعيل عبدالقادر مشعل «أبوالوليد».
وعيون خالد مشعل مسامات الدموع فيها مغلقة من هول الصدمات المتكررة حيث لا تعرف دموع الورود ولا دموع التماسيح، بل هى دموع أسود ضارية تتطاير شرراً من شواء وجمر لهيب الحرقة فى مصاب جلل وفقد عظيم ليس لأهل السودان فحسب بل للكافة، بكى خالد مشعل مرتين، الأولى عندما وصل الى داخل قطاع غزة وما أدراك ما قطاع غزة عبر معبر رفح فى 6 ديسمبر2012 وكانت دموع الفرح تغسل وجهه الشجاع، والثانية عند أرض السودان فى خيمة العزاء بضاحية المنشية.
كانت دموع نواح وبحزن عميق على فقد ركن من أركان هندسة المشروع الجهادي الذى يؤصل العبور الى القدس «المسجد الأقصى» الذى تشتد حلقات الخناق حوله رويداً رويداً، معلوم وطبيعى عندما يأتيك الموت تنوح عليك أسرتك الصغيرة والكبيرة وعشيرتك وأهل السودان أحيانا، أما أن تبكيك الأسود أمثال خالد مشعل الذي تجده دوما متماسكا والرصاص الجبان المسكوب ينهمر على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، ويدك منازلهم دكاً دكاً وتجده رابط الجأش ويقول: يا أهل غزة الصابرون الصامدون وكلماته تزيدهم عزماً وإصرارًا وتماسكاً يا لها من قوة شكيمة. خبرنا يا مشعل نحن أهل السودان بدواً وحضراً عن السر الذى أبكاك قطعاً غير الذى أبكانا لأنه من سوداننا. والذى استوقفنى أيضاً وقوف دقيقة صمت حداد على روح الدكتور الراحل المقيم حسن الترابي داخل أبيى بطلب من سلطان دينكا نقوك «بولبك دينج مجوك» وذلك كان صبيحة يوم التشييع الأحد 6 مارس 2016م حيث كان هنالك اجتماع مرتب له مسبقاً بين المسيرية ودينكا نقوك فى أبيي لمناقشة كيفية التعايش بينهم بعد قطيعة وجفوة راوحت الأربعة أعوام. وعندما التقى الطرفان عناقا ودموع أمام عدسات المصورين من وحدة الإعلام لقوات اليونسفا وبعض المنظمات وأخذ الاجتماع شكله الرسمى، إلا وكانت المفاجأة من السلطان بولبك دينج مجوك خليفة السلطان كوال دينج «كوال أدول» طالباً من الحضور أن يقفوا دقيقة صمت حداد، وبدأ مترنما بصلاة مسيحية حيث قال نعزيكم ونعزي أنفسنا فى فقد العالم حسن الترابى «هو ما حقكم براكم».
نعم كل يعزي بمعتقده ودينه ويترحم الى مليك واحد مقتدر طالباً الغفران وذلك يعنى أن الحدث شعاع تجاوز وعبر من بوابة أبيى الى بوابات أخرى متعددة فى كل الاتجاهات الجغرافية من السودان، والذى استوقفنى أيضاً تشييع لم يسبقه مثيل وشاشات الفضائيات الداخلية والخارجية كفت وأوفت، بل دعوني أقول من وجهة نظر إدارة أهلية، «بأن الدرس المستفاد هو أن أهل السودان تفرقهم السياسة وتجمعهم المحن وتمنياتي ودعواتثي أن تجمعنا هذه المحنة حول مخرجات الحوار الوطني فى نقاط الالتقاء والخلاف والقبول والممانعة في وطن يسع الجميع وتسوده قيم التسامح والتصالح مع النفس والآخرين، وحتى نتجنب ما نشاهده من نماذج لبعض الدول حولنا من محن لم تستطع جمع أسرة ناهيك عن شعب في بلاد كانت تنعم بالأمن والرفاهية واليوم حالها حال على ما فيه من تشرذم ونزوح، فلتكن عظة وعبرة ما تعرضه الفضائيات من مناظر مذلة لعزاز قوم يستجدون لقمة الخبز والضيافة». والذى استوقفني رغم حزن عصام والصديق ابنيّ الترابى، كذلك أشفقت على أستاذي الدكتور محمد العالم أبوزيد ذلك العلم القانوني الذى تصغى له قاعات الدرس حتى يضيق إفساح المجال من كثرة الطلاب وهو يتلاعب بالفاظ القانون المدنى تورية ومجازاً من حيث البلاغة، ولكن يومها سكت عنده الكلام وهو يكسوه الحزن الذى لم تداريه العدسات المظللة ولكن الاحتساب ديدنه، فى باديتنا يقولون النساء يلدن الفارس مراراً وتكراراً ولكن المفكر فلتة وملك مشاع يجود به الزمان يعني واحد من بين الآلاف المؤلفة بحساب بلدي، وأيضا أهلنا يقولون «كسيب الرجال محسود». والراحل كاسب علم ومعرفة، ولكن الراحل جمع بين مفكر وفارس وتلك هبة من هبات المولى عز وجل وبها يجل العلماء وسط شعوبهم بغض النظر عن الانتماء السياسي، كيف لا يقدر صاحبها حياً أو ميتاً؟ دمت يا شيخ حسن في عليين بين يدي غفور رحمن رحيم.

العمدة يحيى جماع

الانتباهة


‫4 تعليقات

  1. ياه دا الجنوب دائما متقدما وناس ودجعل الحر وساخطون وغيره يقولون علينا حاقدون

  2. خالد مشعل دجال وتاجر ليس الا يبيع ضميره من اجل المال في داعي للاحتيال على السودانيين وقضية فلسطين براءة من مشعل لانه تاجر شنطة من يدفع اكثر وللعلم الفلسطينيين اكثر شعب بيكره السودانيين وسبق لهم ان الاقامة في الصحراء بين العراق والاردن وعندما وفرت لهم حكومة السودان فرصة الاقامة في السودان كلهم بحرف واحد قالوا الصحراء ارحم لينا من العيشة في السودان

    1. معذرة صديقي فإنك لم تترق إلى أصول المعرفة ، فاتهامك لهذا الرجل ليس في محلِّه، لو كان كما تقول
      تاجراً متاجراً بالقضيّة الفلسطينية، كما ظلمنا بها أنفاً الشهيد ياسر عرفات لكان الآن يعيش عيشة ترف
      بين ظهراني الصهاينة، فلا أحد أرعبهم مثل هذا الرجل، هل لديك معلومة بأنه سبب في خروج الشهيد
      أحمد يسن ومعظم عظماء الجهاد، عندما فشلت حاولة اغتياله في الأردن وقد تمكنّوا من محاولة اغتياله؟؟
      لو حقاً ما تقول ما سعت دولة الصهاينة لاغتياله ولا تزال .. يجب أن نكون منصفين ودقيقين في الإتهامات.

  3. سيبكم من الاهوهام — مالنا ومال الفلسطينيينن وقضية فلسطين — كما قال الاخ مش عملوا مظاهرات لامن وطنوهم — الناس ديل ما فيهم خير– بطلوا العبط