تحقيقات وتقارير

المنع من السفر.. السيناريو المتكرر!!


أصبحت ظاهرة منع سفر السياسيين المعارضين للحكومة كثيرة وانتشرت في العديد من الدول منها مصر ودولة جنوب السودان لكن السودان يعد أكثر الدول منعا بدون أي سند قانوني رغم إعلان الحكومة عن جديتها للحوار الوطني بدون استثناء لأي حزب بما فيهم الحركات المسلحة، في نفس الوقت أعلنت قيادات بقوى نداء السودان عن منعها من السفر حيث منعت السلطات القيادي بقوي نداء السودان وعضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي صديق يوسف أمس من السفر للقاهرة ومنها للعاصمة السويسرية جنيف للمشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الخاصة بالتقرير الدوري الشامل ومصادرة جواز سفره ، مما يدل على ان النظام غير جاد في دعوة الحوار، كما أنها تمارس انتهاكاً لحقوق الإنسان يوميا بحسب رؤية المعارضين، دون أي سند قانوني، بينما يري بعض القياديين بالمؤتمر الوطني انه لا ينبغي أن يمنع شخص من السفر نتيجة للتصريح برأيه أو اختلاف لونه السياسي، لأن ذلك ضد القانون، كما أنه لا يمكن أن تحظر شخصاً من السفر إلا إذا كان مجرماً، فيما اعتبر الناطق باسم تحالف المعارضة بكري يوسف ان مسألة منع قيادات الأحزاب من السفر معارضة للحريات باعتبارها مخالفة للدستور الانتقالي لعام 2005م والوثيقة المنظمة لعمل الأحزاب السياسية وفق قانون الأحزاب لذلك هناك تعارض بين الدستور وقانون الأحزاب.

إساءة استعمال السلطة:
يرى بعض المراقبين المصريين أن معظم الممنوعين من السفر هم بغير إحكام قضائية واغلبهم من المعارضين الذين لم يصدر قرار ضدهم من النائب العام بالمنع بينما أعطى القانون المصري وزير الداخلية الحق في المنع من السفر ولذلك يعتبره المراقبون صورة من صور التعسف وإساءة استعمال السلطة, وتنص المادة الأولى من القانون (97) لعام (59) بشأن جوازات السفر والمعدل بالقانون رقم (78) لعام1968 قرار وزير الداخلية رقم 2214 لعام 1994يكون الإدراج على قوائم الممنوعين بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين وبناء على طلب الجهات الآتية دون غيرها المحاكم في أحكامها وأوامرها واجبة النفاذ والمدعى العام الاشتراكي , والنائب العام , ومساعد وزير العدل للكسب غير المشروع ,بجانب المنع من رئيس المخابرات العامة , أو رئيس هيئة الرقابة الإدارية, ومدير إدارة المخابرات الحربية ومدير إدارة الشئون الشخصية والخدمة الاجتماعية للقوات المسلحة والمدعى العام العسكري, أو مساعد أول وزير الداخلية لقطاع مباحث أمن الدولة ,أو مدير مصلحة الأمن العام بعد موافقة وزير الداخلية ,كما يجب أن يكون الإدراج فى غير حالات طلب المحاكم صادرا من رئاسة الجهات المتقدمة دون فروعها، وانتقدوا المراقبين حديث المسئولين عن قرار المنع من السفر باعتباره إجراء وقائي لضمان الأمن العام وتأمين المصالح القومية والاقتصادية للبلاد، كما يعتبرون ان المنع من السفر ليس بسبب عقوبة جنائية وجراء ذلك لا يشترط المنع من السفر تحقيق الاتهام بوقائع محدده وثبوتها، وقال عدد من المراقبين إن قانون هيئة الشرطة المصري الصادر لعام 1971 يعتبر الملاحقة لمن صدر في حقه حكم جنائي يدخل ضمن واجبات هيئة الشرطة التي ينص عليها الدستور والقانون واتخاذ ما هو أدنى من استعمال القوة بإدراج اسم المحكوم عليه ضمن قوائم الممنوعين من السفر والمترقب وصولهم حتى لا يفلت من تنفيذ تلك الأحكام فتصبح هباء منثورا وفى المقابل أن تسعى لرفع اسم من نفذ العقوبة على القوائم احتراما للحق الدستوري لحرية السفر والتنقل ما لم يكون المحكوم عليه مطلوبا لتنفيذ حكم جنائي آخر وأن ترفض إدراج اسم أي شخص على القوائم ما لم يكن مطلوبا لتنفيذ حكم جنائي.

نفس الملامح والشبهة:
وبنفس الإجراءات المشددة والتحفظات التي تجريها الحكومة تنتهجها حكومة دولة جنوب السودان من منع السياسيين والمعارضين عن السفر بدون أي سند قانوني الأمر الذي جعل تحالف الأحزاب السياسية المعارضة بجنوب السودان، في أغسطس الماضي تدين قرار الحكومة بمنع وفدها من السفر إلى أديس أبابا، للمشاركة في جولة محادثات السلام المقبلة، برئاسة رئيس التحالف، رئيس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، التغيير الديمقراطي المعارض، لام أكول أجاوين في تصريح سابق له إن “شرطيًا برتبة رائد، مسئول عن إدارة الجوازات بمطار جوبا، أبلغهم بمنع وفد الأحزاب من السفر، بناء على توجيهات من رئاسة الجمهورية”,وذكر رئيس الوفد أن “مثل هذه القرارات لا تخدم قضية السلام في شيء، وقرار المنع من السفر انتهاك صارخ لحرية التنقل حسب دستور البلاد، والمواثيق الدولية”. وأضاف أكول، أن الوفد تلقى دعوة رسمية من وسطاء إيقاد (الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا)، باسم الأحزاب للمشاركة في جولة مباحثات السلام المقبلة التي انطلقت خلال أغسطس الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا, ويضم التحالف الوطني للمعارضة بجنوب السودان حوالي الـ (18) حزب سياسي غير مشارك في الحكومة، أبرزها الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، والحزب الشيوعي بجنوب السودان، وحزب الجبهة الديمقراطية المتحدة، والمؤتمر الشعبي.

منعنا من السفر:
انتقد القيادي بقوى نداء السودان صديق يوسف الحكومة التي تدعو للحوار وتدعي إتاحة الحريات وفي نفس الوقت منعتنا أنا و رئيس المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ من السفر أمس للقاهرة للقاء زعيم الأنصار الصادق المهدي ورئيس تحالف المعارضة فاروق ابوعيسي واحتمال الاتصال بالجبهة الثورية للتشاور والتفاكر لكن فوجئنا بالأجهزة الأمنية تمسك بجوازات وتمنعنا من السفر بدون أسباب لذلك لا يمكن ان نشارك النظام في حوار وهو ينتهك في حقوق الإنسان يوميا ويقمع في الحريات ويمنع من السفر ويعتقل في الناشطين والصحفيين ويصادر في الصحف.

تقاطعات وتدخلات:
ويرى القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي انه لا ينبغي أن يمنع شخص نتيجة للتصريح برأيه أو اختلاف لونه السياسي، لأن هذا ضد القانون، كما أنه لا يمكن أن تحظر شخصاً من السفر إلا إذا كان مجرماً، وليس هناك داعي للحظر فلا تمييز ولا حصانة لأحد إذا ثبت ارتكابه لجريمة، لكن فيما تعلق بمنع بعض السياسيين من السفر فإن الأمر قد لا يكون بسبب ممارسته للسياسة فقط، وإنما لأسباب أخرى يعلمها هو ولا نعلمها نحن، لذلك تظل مسألة المنع من السفر مسألة شائكة ومعقدة، وغير واضحة المعالم كون الأسباب الحقيقية للمنع من السفر غير معلنة، وفي كثير من الأحيان يكون السبب الرئيسي الذي يمنع بموجبه المسئول السياسي من السفر غير معروف، إلا لدى الأجهزة الأمنية التي منعته من السفر، فبالتالي الحديث في مثل هذه المواضيع يحتاج إلى تحري الدقة قبل أن تهم أي شخص بمصادرة حرية الآخرين, كما ان هناك كثير من القيادات ترتكب جرائم تحت ظل العباءة السياسية وإذا أي شخص تم منعه من السفر وهو يعلم أنه ليس مرتكب جرما غير نشاطه السياسي أن يذهب للقضاء ويثبت ذلك، لكن أن يسكتوا على حقوقهم المسلوبة هذا أمر يدعو إلى الشك والريبة، فالسادة المعارضون إذا كانوا على حق في مسألة منعهم من السفر لن يسكتوا، لذلك يفسر صمتهم هذا بأن الأمر فيه شيء ليس على ما يرام، وظاهرة المنع من السفر ليست بجديدة على السياسة لكن في السودان ما أعتقد أنها موجودة، فلكل ممنوع من السفر حيثيات كانت وراء ذلك، لكن ما يجب التأكيد عليه هو أن المنع ممكن يكون بسبب جرم ما أرتكبه السياسي بعيداً عن السياسة ولكن أستغل موقعه كسياسي في ارتكاب هذا الجرم، ولكن وبما أنه شخص معروف بممارسة السياسة، يرجح كل من يعرفه أمر اعتقاله للعمل السياسي، لذلك يجب أن نكون دقيقين، لكن أستبعد تماماً أن يكون المنع من السفر بسبب تصفية حسابات سياسية، لأن هذه المسألة وإن حدثت ستكون محكومة بقوانين.

لم نسمع بمنع:
وقال ربيع عبد العاطي في حديثه لـ(ألوان) لا أعتقد أن هناك حظر من السفر لسياسيين ولم أسمع بذلك وإذا وجد فهو يتناقض مع أجواء تهيئة المناخ، لكن من يظن مجرد الظن أن الحوار سوف يعفيه من المساءلة إذا لم يتبع الإجراءات المعروفة في كل شيء سواء إقامة الندوات فهو واهم وإذا كانت هذه الأحزاب تعديل أو إلغاء قوانين جنائية أو خاصة بالأمن الوطني عليها الجلوس إلى مائدة الحوار ومناقشة ذلك. هذه الأجراءت سوف تتوقف حينما يتم إتباع الإجراءات السليمة وعدم الخلط بين تنظيم الحريات وإطلاق الحريات عملا بمبدأ (إزاء كل حرية قيد وإزاء كل قيد حرية) إذ لا يمكن القيام بمثل هذه الإجراءات في دولة تحكم بالقانون. الحوار يقتضي أن تقول ما تريد أن تقوله وأنت علي مائدة الحوار، كما أن الحوار لا يعني إلغاء القوانين ما لم تنص مخرجات الحوار علي ذلك، وليس هنالك تضييق للحريات بل العكس منذ أن طرح الرئيس البشير مبادرة الحوار في يناير من العام الماضي، اتسعت مساحة الحريات، حيث سمحت الحكومة للمعارضة إقامة الندوات وممارسة نشاطها السياسي، وفتحت البواب الحوار على مصراعيه إلا من أبى، لذلك أستبعد تماماً أن يكون هنالك تضييق للحريات في الوقت الحالي، ومن هذا المنطلق أستبعد أن يكون هنالك منع للسفر من المعارضين للنظام.

تناقضات وتخبطات:
اعتبر الناطق باسم تحالف المعارضة بكري يوسف ان مسألة منع القيادات الأحزاب من السفر معارضة للحريات باعتبارها مخالفة للدستور الانتقالي لعام 2005م والوثيقة المنظمة لعمل الأحزاب السياسية وفق قانون الأحزاب لذلك هناك تعارض بين الدستور وقانون الأحزاب, وأعتقد أن النظام الحاكم بمنعه للسياسيين وقياداتهم يقوم بتعارض واضح لكل القوانين والمواثيق الدولية الموقع عليها في وثيقة حقوق الإنسان باعتبار هذا الإجراء انتهاك للحقوق كما انه اختراق للدستور, ويجري بدون سند قانوني أو دستوري, وذكر بكري في حديثة (ألوان) عدم وجود أي حيثيات مقنعة أو أسباب لمنع السياسيين من السفر، بمعنى انه لا تتخذ أي إجراءات قانونية ضد الممنوعين من السفر, كما إن هناك سفريات معلنة ومعلومة لدى الحكومة والسلطات ,ويرى ان الحكومة تعيش حالة من التخبط الشديد والدليل علي ذلك تقديم الدعوات للحركات للحوار والالتزام بالضمانات الكافية وعودتهم إلى دول التي يعيشون فيها في حال لم يقتنعوا بمخرجات الحوار وفي نفس الوقت تمنع الأحزاب المعارضة من السفر خوفا من ان تلتقي بالحركات المسلحة مما يدل علي وجود تناقضات بين الحكومة والسلطات وان العقلية المسيطرة علي البلاد عقلية أمنية.

بدون سند قانوني:
أكد القانوني نبيل أديب ان مسألة منع القيادات الأحزاب من السفر إجراء يخالف الدستور والتزامات السودان الدولية لان ينص الحق للمواطن حق الحركة كما ان الحق الدولي يضمن حق السفر والإقامة لاى مواطن لذلك كونه يمنع أي شخص من السفر مجرد انه يمارس نشاط سياسي معارض الحكومة, وقال أديب في حديثة لـ(ألوان) أمس، ان هناك حالات للمنع من السفر في حال طلبت المحكمة من السلطات الأمنية منع متهم في قضية مدنية أو جنائية من السفر لاعتبار سفره ممكن ان يعرقل سير القضية ,وحتي الطلب يأتي من القاضي لكن ان يكون المنع من جهات أو سلطات إدارية أو أمنية هذا يخالف الدستور والقانون والالتزامات الدولية.

السودان من ضمنها:
ومن خلال البحث والتقصي في هذه القضية اكتشفنا إن هناك دول يشترط السفر إليها موافقات أمنية القائمة تضم (16) دولة بينها قطر وتركيا والسودان وسوريا واليمن والأردن وإسرائيل.. القرار يشمل أعمار من 18 لـ45.. المعاملة بالمثل وهروب عناصر إرهابية أبرز الأسباب حيث أدرجت مصلحة الجوازات والجنسية والهجرة، المصرية دولة السودان ضمن الدول التي يرتبط السفر إليها بضرورة موافقة الأمن الوطني، ابتداءً من الخامس والعشرين من أغسطس الماضي، وعلمت (ألوان) من مصادر إن قرار موافقة السلطات الأمنية المصرية السماح للمواطنين المصريين بالسفر للسودان، جاء لعدم الاستقرار الأمني، ووجود متشددين وهروب عناصر الإخوان عبر السودان ومنها إلى دول أخرى. وأضافت إلى أن كل من “قطر وتركيا ولبنان وسوريا واليمن والأردن وماليزيا وكوريا الجنوبية وغينيا كوناكري وإسرائيل وإندونيسيا وتايلاند وجنوب إفريقيا والدول المجاورة لها وأخيرا السودان” أبرز الدول التي يتطلب موافقة جهاز الأمن الوطني للسفر إليها، بالإضافة إلى فحص ضابط الاتصال بمصلحة الجوازات المهن المدونة بجواز السفر، حتى يتم الموافقة النهائية للسفر لتلك الدول.

مشاعر دراج
صحيفة ألوان