أم وضاح

هيئة علماء السودان رجاءً أحسنوا الظن!!


ما نعرفه عن الدين الإسلامي إن كان ذلك من خلال ما قرأناه من نصوص قرآنية أو سيرة “المصطفى” الحبيب عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، أن الأصل في الدين هو أن يدعو إلى حسن الظن بالآخر والابتعاد كل البعد عن سوء الظن به.. لأن سرائر النفوس ودواخلها لا يعلم بها إلا الله وحده.. والمولى عز وجل قال في محكم تنزيله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) صدق الله العظيم.. والرسول الكريم قال (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله أخوانا)، وقال المولى عز جل في سورة الأنعام (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) صدق الله العظيم، وبالتالي فإن المسلم مأمور بأن يحسن الظن بإخوانه وأن يحمل ما يصدر عنهم من قول أو فعل على محمل حسن ما لم يتحول الظن إلى يقين جازم، والله أمرنا بالتثبت فيما يصدر نحونا أو نحو إخواننا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، لكل ذلك فإن المندوب هو حسن الظن بما ظاهره العدالة بين المسلمين، حتقولوا إلى ماذا أرمي وراء هذه الدلائل وهذا الحديث، أقول إنني قد حزنت، بل واستأت من موقف هيئة علماء السودان التي شددت على ضرورة البقاء على المادة (179) يبقى لحين السداد، وذلك كما بررت الهيئة لقطع الطريق أمام المحتالين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، وقال رئيس الهيئة الدكتور “محمد عثمان صالح” إن الاحتيال هو الغالب الأعم في التعامل بالشيكات وهو برأيي حديث غريب وغير دقيق يوصم الآلاف من الذين وقعوا في شرك هذه المادة بسبب عوامل اقتصادية متعلقة بوضع الجنيه السوداني نفسه وتذبذبه المستمر، بوصمهم بالاحتيال ولكـأنهم قد تعمدوا أن يأكلوا مال الناس بالباطل ويظلوا حبيسي الأسوار إلى ما شاء الله.
ودعوني أقول إن حديث هيئة علماء السودان لا أظنه (وللأسف)، مبني على إحصائيات أو دراسات تؤكد مثلاً أن (85%) أو حتى (60%) من الموجودين في السجون هم من المحتالين، وبالتالي فتوى الهيئة مبنية على افتراض لا علاقة له بحسن الظن ولا حسن النوايا، لتحكم بذلك على مصير آلاف الأسر التي تضررت وتفرقت بسبب هذه المادة المعيبة.. ولو كنت مكان العلماء الأفاضل في الهيئة لارتكزت على مبادئ الدين الحنيف الذي يحثنا على أن تكون مرجعيتنا بالفطرة هي حسن الظن بالآخر، ولطالبت بإلغاء هذه المادة من القانون الجنائي والقانون المدني قادر أن يقتص من الذي يتعمد الاحتيال أو كتابة شيكات بأسلوب (الكسر) الذي ضيع الكثيرين بسبب دخلاء على الأسواق لا ذمة لهم ولا ضمير!!.. لذلك لا أجد مبرراً لهذا التشدد من هيئة علماء السودان وأحسب أنهم قد تعجلوا في الحكم وأخذوا الناس بالظاهر في قضية خطيرة لا تقبل إصدار فتوى بهذا الشكل القاسي والنهائي.
ودعوني أيها الأفاضل أذكركم بما قاله ابن سيرين عليه الرحمة (إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً فإن لم تجد فقل لعل له عذر لا أعرفه)..
كلمة عزيزة
واحدة من مشاكلنا الأساسية أننا (ندمدم) الفضائح ونغطيها ونصر على أن رائحتها عطرة رغم أن كل ما فيها يدعو للتقيؤ واستفراغ ما في الجوف، وإلا ما معنى أن تصمت وزيرتا التعليم العالي ورصيفتها وزيرة التربية والتعليم بعد فضيحة غش الطلاب الأردنيين في امتحانات الشهادة السودانية، والحادثة برمتها تجعلنا نسأل كم مرة حدثت ذات الحادثة من قبل لكن دونما أن يكشفها أحد والبركة في (الشكلة الدورت) لتجعل الأمر مكشوفاً والجريمة والمجرم في موقف لا يحسد عليه!!
لو كنا في بلد تحترم فيه المؤسسات بالدرجة التي تجعل المسؤول أمام أي إخفاق يتعلق بمسؤولياته، لاستقالت كلتا السيدتين وذهبتا إلى حال سبيلهما، لكن مرت الحادثة وكأنه لم يحدث شيء والعام القادم سيأتي آخرون لأداء امتحان الشهادة السودانية رغم انكشاف عورتها وفضيحتها البي جلاجل!!
كلمة أعز
رغم أن فضائية الشروق تعلو شاشتها عبارة 2016 شاشة جديدة، إلا أننا لا شايفين جديد ولا حاجة، يا سادة كتابة العبارات سهلة الصعب تحقيقها والالتزام بها وإنزالها على أرض الواقع!!
أم وضاح – (عز الكلام – صحيفة المجهر السياسي)