محمود الدنعو

الحرب الجديدة


أولى الحروب بين الأمم كانت على الأرض، حيث يلتقي الجيشان، ثم انتقلت إلى البحار بين السفن المقاتلة والقرن العشرين، تحولت إلى السماء عبر الطائرات بطيار أو بدون طيار، ولكنها اليوم دخلت مرحلة جديدة هي الحروب الأسفيرية، وبات العراك بين الأمم (أون لاين) والاعتداء الإلكتروني من قبل هاكرز أو قراصنة إلكترونيين مرتبطين بإيران على سد مائي بالقرب من نيويورك يظهر ملمحاً من حروب المستقبل.
وزارة العدل الأمريكية اتهمت إيران باختراق نظام التحكم عبر الحاسوب في تشغيل سد مائي صغير على بعد 25 ميلاً شمال نيويورك. وقال مساعد المدير العام في الولايات المتحدة جون كارلين: “يمكننا أن نعلن للعالم بأن قراصنة إلكترونيين مرتبطين بالحكومة الإيرانية من اعتدى على النظام الأمريكي ونطالب بجلبهم إلى ساحات المحاكمة لينالوا العقاب على هذه الجريمة”.
وكشف عن توجيه الاتهامات إلى 7 إيرانيين من قوات الحرس الجمهوري الذين هاجموا أسفيريا على من المؤسسات المالية في نيويورك منها سوق الأوراق المالية وشركة (ايه تي اند تي) من خلال إغراقها برسائل البريد الإلكتروني المصممة لإبطاء وإغلاق أجهزة الحواسيب بهذه المؤسسات.
تسلل الهاكرز إلى نظام القيادة والتحكم في السد العام 2013 من خلال مخدم خلوي، وحصل حامد فيروزي البالغ من العمر 34 عاماً على كلمة السر الخاصة بتشغيل وبات قادر على إطلاق سراح المياه من خلف السد، ولكنه لم يكن قادرا على الوصول إلى فتح البوابة لقطع الاتصال يدويا لأغراض الصيانة في لحظة الاقتحام.
ويواجه المتهمون أحكاما بالسجن قد تبلغ 10 سنوات للتخطيط لتنفيذ والمساعدة على تنفيذ عمليات قرصنة كمبيوترية، وتصفهم وزارة العدل الأمريكية بأنهم (قراصنة كمبيوتر ذوو خبرة). وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجمات التي نفذوها مثلت (صافرة إنذار) للمصالح الأمريكية. وقالت وزيرة العدل لوريتا لينتش إن الهجمات “هددت صحة اقتصادنا وقدرتنا على التنافس النزيه في السوق العالمية، وهما أمران مرتبطان مباشرة بأمننا الوطني، نعتقد بأن الهدف الوحيد من وراء الهجمات هو تقويض الشركات المستهدفة والإضرار بعمل السوق الأمريكية الحرة عن طريق الانترنت”. وقال الوزيرة إن الهجمات كبدت الشركات المستهدفة خسائر تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
ويرى الكثير من المراقبون بأن الاتفاق النووي الإيراني الأخير أنهى حقبة من المواجهات المباشرة بين إيران والغرب عموما، وأغلق الباب نهائيا أمام الحرب في صورتها التقليدية بين طهران وواشنطون، ولكن الحروب بين البلدين تواصل اندلاعها في ساحات أخرى منها ساحة القرصنة الإلكترونية، وهي أحدث حروب المستقبل ويستشهدون بقرار البيت الأبيض الأخير البيت الأبيض بشن عقوبات ضد من يمثل تهديدا إلكترونيا لواشنطن باعتبار أن المستهدف الرئيس هو إيران.