مقالات متنوعة

محمد وداعة : المعادن .. خربانة من كبارا !


محكمة جنايات المال العام أدانت مسؤولة سابقة بوزارة المعادن بتهمة اختلاس مليارات الجنيهات، وجاء الحكم (السجن سبع سنوات ودفع مبلغ (2) مليار للوزارة عبارة عن تعويض، وقضت المحكمة بتغريمها فقط مبلغ (10,000) ألف جنيه أو السجن (6) أشهر لإدانتها باختلاس مبلغ (4) مليارات جنيه من الوزارة عن طريق الاحتيال والتزوير وتحويل المبلغ لصالح منفعتها الشخصية، المحكمة أصدرت حكماً في مواجهة (6) مدانين في القضية وألزمتهم بدفع غرامة قدرها (50) ألف جنيه، المدانة كانت تشغل وظيفة مدير علاقات عامة وهي وظيفة قيادية في وزارة المعادن، في وقت سابق وفقط قبل شهر من الآن أصدرت محكمة الخرطوم شمال حكماً في مواجهة مدير شركة سودامين الأسبق وألزمته بسداد مبلغ (30) ألف جنيه وبعدم الدفع السجن عام ونصف العام، المتهم أدين بتبديد (4) مليار جنيه، عبارة عن أرباح الحكومة من نشاط شركة سودامين، مدير سودامين ارتكب مخالفات في إجراءات الشراء والتعاقد، مدعياً على الوزير موافقته له في التصرف في الشركة ومخالفة القوانين مقابل (إنجاح الشركة)!
السيد الوزير السابق كمال عبداللطيف نفى أن يكون أعطى المتهم حق التصرف في الشركة ومخالفة اللوائح والقوانين الإدارية والمحاسبية مقابل إنجاح الشركة!، وبافتراض أن الأحكام نهائية أو مستأنفة لصالح المتهمين، فلا ينظر أن تسترد الوزارة الأموال التي تم اختلاسها وتبديدها، ذلك أن الحكم على مديرة العلاقات العامة استرجع فقط نظرياً (2.5) مليار من جملة (4) مليار، والحكم الثاني لم يسترجع شيئاً، فقط (30) ألف جنيه عبارة عن غرامة وبالعدم السجن (سنة ونصف) في حالة عدم الدفع، قضية مديرة العلاقات العامة واضحة الأركان وكان المتوقع أن تكون الأحكام فيها أكثر شدة وعلى الأقل استرداد كامل المبلغ المختلس، وهو ما لم يتم ليس قصوراً من القضاء أو تساهلاً، ولكن لأن الادعاء الذي يمثل الوزارة، أرادها هكذا، وفي قضية مدير سودامين ربما تداخلت الأشياء بدرجة جعلت من القناعة الكافية بأركان الوقائع المجردة تحتمل عدم اليقين، وأولها هي عدم مساءلة البنك الذي فتح الحسابات دون اكتمال المستندات القانونية لفتح الحساب، والاكتفاء بنفي السيد الوزير لادعاءات مدير سودامين دون إجراء مزيد من التحريات، ليس من شك أن محاكمة اثنين من كبار المسؤولين في وزارة المعادن له دلالات كافية على انفراط عقد الوزارة ومؤسساتها وأن الوزارة (خربانة من كبارا).
حسرة وحيرة لعدم قدرة الآليات المتوفرة على استرداد الأموال المختلسة أو المبددة مما يستدعي إعادة النظر في القوانين للتركيز على مبدأ العقاب واسترداد المال المتعدى عليه في نفس الوقت، لأن السجن وحده ليس كافياً، ولو كان السجن عقوبة رادعة لما كان عدد (يبقى حتى السداد) بالآلاف، كذلك يلاحظ أن المدانين هم من كبار قيادات الوزارة وهو مؤشر خطير، ولو توسع الادعاء في ادعائه أو اشتملت التحقيقات على بقية الكبار ربما حينها ينكشف الكثير، المثير، الخطر، هذا يستدعي تحقيقات واسعة وشفافة تدعى فيها الحكومة عبر آليات ليس من بينها الإدارة القانونية للوزارة.