حوارات ولقاءات

د.أمين حسن عمر : أبعدت عن الوزارة بسبب علاقتي بالترابي


*منذ وفاة الشيخ حسن الترابي وانت تكتب وترثي،هل هو حزن؟ أم رد جميل؟ أم تأنيب ضمير؟
الناس في السودان يخلطون الأشياء،هنالك أمور وعلاقات إنسانية بين الناس وهنالك قضايا سياسية يختلف الناس حولها،والأمر موجود داخل الأسرة الواحدة.تظل العلاقات موجودة والتفاوتات السياسية موجودة،لكن للأسف الشديد زحفت السياسة لدرجة رغبتها في الغاء العلاقات الإنسانية بين الناس،العلاقة بيني وبين شيخ الترابي شخصية فكرية وأعمق بكثير في بُعدها السياسي
*وهل كانت العلاقة مستقرة ومتواصلة بينك وبين الترابي ،أم هزتها العلاقة السياسية؟
صحيح انها تأثرت لكنها لم تنقطع،نحن لم ننقطع من شيخ حسن اجتماعياً أو فكرياً.
*حتى في أوج الخلاف بين المؤتمر الوطني والشعبي لم تنقطع علاقتك به؟
أنا بعدت من الوزارة بسبب علاقتي مع شيخ حسن.
*كيف؟
كنت حينها وزير دولة بوزارة الإعلام،وكنت أزوره،وصُنفت بأني من المقربين من شيخ حسن،رغم علمهم بأني من أوائل الأشخاص الذين ناقشوا شيخ حسن في آرائه عبر مذكرة العشرة،التي لم نوقع عليها بعد ذلك،لأننا شعرنا بأنها ستحدث مشكلة،إخواننا الآخرون رغم انهم كانوا صادقين لكنهم لم يعتقدوا أنها ستسبب مشكلة.وستمر بطريقةٍ عادية لوجود ليبرالية في التنظيم،ومن يعتقد أن هناك شيئاً خطأ في الحزب يقوله.
*وماذا كان رأي شيخ حسن؟
شيخ حسن كان رأيه حسناً في الناس الذين ابتدروا المذكرة،وقال لي بالحرف: (ما عندهم مشكلة) وهما ليسا متآمرين،لكنه شعر بأن الآخرون متآمرون.
*هل قال ذلك في أوج الأزمة؟
نعم في أوج الأزمة،قال ذلك رغم أن الخطيب وكرتي هما سبب المذكرة،أخذوها وذهبوا بها لكن ظلت ثقته فيهما موجودة ووصفهما بالمخلصين والصادقين،حتى رأيه في الآخرين الذين وقعوا أو لم يوقعوا على المذكرة ظل حسن الاعتقاد في بعضهم ويذكُرهم بالخير،ربما البعض يذكر تعليقه حول نافع وحول آخرين..اختلاف السياسة ينبغي أن لا يغير ما بين الناس من إنسانيه..دعك من الترابي،علاقتنا الإنسانية مع الأشخاص المنضمين الى الحركات والذين يحملون السلاح هل تزعزعت؟صحيح أنها تأثرت،لكن هل قاطعناهم او أصبحوا اعداء لنا او نَكُن لهم كراهية؟الإجابة :لا،فقد ظلت بيننا صلة وعلاقة.
*هل من علاقة تجمعك الآن مع قادة دارفور المتمردين؟
الصلة تتأثر بالموقع..وان استمرت بذات المستوى ستُفسر بطريقة خاطئة حتى عندما توفي خليل في العملية العسكرية دخلت في حرج حول تعزية خليل،من المفترض أن أقدم واجب العزاء،وان أديت هذا الواجب سيُفسر بطريقة سلبية حتى عند أهل خليل انفسهم،خاصة في لحظات الحزن والغضب،وربما يفسر لدى معظم الناس بطريقة خاطئة..سوء العلاقة السياسية يسبب حرجاً في استمرار العلاقة الإنسانية كما هي.
ذهبت لتعزية خليل أم لا؟
سكتنا عن الموضوع،والناس على العموم تشعر بالمشاعر،ليس جميع قادة حركات دارفور تجمعني بهم علاقة سابقة،لكن مثلاً لدي علاقة مع جبريل كنا دفعة واحدة وعملنا في مناطق مع بعضنا البعض،ولا يوجد شيء يُلغي التاريخ لمجرد انه في مرحلة من المراحل اختلف او تقاتل..بعض يروي عن سيدنا علي رضي الله عنه،ان ابن طلحة بن عبيد الله لقيه بعد معركة الجمل التي قُتل فيها طلحة فقال له “يا قاتل ابي” فرد عليه “اني لأرجو ان أكون انا وابوك في الجنة على سرر متقابلين”..كل إنسان اجتهد وعمل لاجتهاده،أن كان صادقاً في اجتهاده ومتأولاً ففي تأويله سعة،وان كان القصد قصداً اخر،فالله سبحانه وتعالى أعلم بالسرائر.
*نشرت صور تجمعك مع شيخ حسن في الفيسبوك،احدى هذه الصور انه كان يصلح لك ربطة العنق؟..العديد من الناس فسروا هذه الصورة تفسيرات مختلفة من بينها انه كان يعلمكم أي شيء؟
هؤلاء هم الناس المغرضون،انا نشرت عدة صور في ثلاث مناسبات مختلفة.
*وما مناسبتها؟
كنا في رحلة إلى الصين وإحداها في أسبانيا وبلد آخر.
وهل أصلح لك شيخ حسن الكرافته؟
شيخ حسن لم يصلح لي الكرافته،كان دكتور التلب يصلح الكرافته لدكتور ضرار عثمان،فجاء نحوي شيخ حسن وقال لي: “إنت كمان ما عايز نصلح ليك الكرافته؟” فقلت له”يا شيخ حسن لو جيت تصلح الكرافته سأقول للناس انو اللبيس الخاص بي هو حسن الترابي”..كان هذا مزاحاً بيننا..هو لم يصلح الكرافته،لكن حتى أن اصلها فماذا يعني؟ شيخ حسن كثيراً ما أصلح،ونحن لن ننسى انه من علمنا الإيتكيت وعلمنا أشياء كثيرة ليس فقط في القضايا الفكرية والسياسية،انما هو معلم في تفكيره وسلوكه ومظهره،ونحن لا نستنكف الإقرار بتعليمه لنا الإيتكيت والأخلاق،وكنا شباباً حينها في طور التعلم من الكبار ولا مشكلة في ذلك.
*ما أكثر ما تفتقده من شيخ حسن؟
شيخ حسن تفتقده البلد وليس الأفراد،شيخ حسن كان هداية فكرية،خاصة انه في المرحلة الأخيرة كان مقبلاً على حالة تصالح وحوار وهذه الحالة كان سينتفع بها الوطن لدرجة كبيرة.
*مستقبل الشعبي مع السنوسي؟
سيتوقف على نمط القيادة التي سينتهجها الشعبي،اذا اقاموا نمط قيادة جماعية سيحافظون على الحزب،لكن ان لجأوا الى قيادة فردية،فسينحاز أي شخص للفرد الذي يفضله،وهذا لن يساعد الحزب،لكنني أعتقد ان شيخ حسن كان حريصاً جداً على فكرة المؤسسية في الحزب،وإن حدث تفاهم كبير بين السنوسي وعلي الحاج هذا سيضمن وحدة الشعبي،وان حدث نوع من الاهتزاز العلاقة بينهما فهذا سيؤدي الى اهتزاز الحزب.
*وماذا تُرجح؟
أرجح ان يحدث تفاهم،لماذا؟ لأني التقيت علي الحاج ومقتنع بأن علي الحاج في ذات خط شيخ حسن،وكذلك ابراهيم السنوسي في ذات الخط،لذا لا توجد قضية مركزية يختلف عليها الاثنان.
*وماذا عن علاقة الشعبي والوطني؟
طبعاً حينما يُقام حزب ستظل بؤر لا تحب التقارب،لماذا؟ لأنهم سيكونون أسرفوا خلال الخصومة،وحملوا مرارات كثيرة.انا شخصياً عبرت عن رأيي بصورة عامة بانه ليس من مصلحة الحركة الاسلامية بان تحدث وحدة حزبية؛لأن ذلك سيجعل الإسلاميين كلهم في صف والإسلاميين الأخريين في صف آخر،وهذا سيضعف قضية الاسلام،الأفضل ان يكون الإسلاميون موجودين في الضفتين،هذا الحديث قلته من قبل ويوجد من هم قليلوا الفهم لم يفهموه،واعتقدوا اني لي موقفاً ضد التقارب..انا عضو في المكتب القيادي للحركة الإسلامية واعرف ان كنت راغباً في ان تتوحد الحركة الاسلامية ام لا،ولا اعتقد ان وحدة الحركة الاسلامية تُقاس بوحدة الصف،انما تُقاس بوحدة الفكر والمقصد،وإلا فأننا نشارك الأفكار عدداً كبيراً من التيارات الأخرى،لدينا شراكة مع الأخوان المسلمون مع التيار المعتدل من انصار السنة والصوفية،فالشراكة الفكرية ووحدة المقصد تجمع التيار الاسلامي وليس بالضرورة ان يجمع صف تنظيمي واحد.
*ما هي معلوماتك حول الجدل الدائر ببث حلقات الترابي في قناة الجزيرة،وما صاحبها من مطالبات القناة بعدم بث الحلقات؟
لا احد يعلم ما تحتويه الحلقات
*لماذا تريدون ايقافها؟
نحن لا نريد إيقافها،إنما أسرته وحزبه يعتقدون انها سُجلت قبل ست سنوات في أوج الخصومة،وان بثها في هذا الوقت قد يكون ليس في مصلحة الحوار،وسُتقوي التيارات الرافضة للحوار،لذا يرون ان يؤجل بث الحلقات لوقت اخر،واعتقد انهم أبلغوا القناة.
*كانت هذه وصيته؟
نعم أوصى أن تنشر بعد وفاته،لكن متى بعد وفاته؟هنالك أشخاص توفوا وبعد ست سنوات من وفاتهم نشرت القناة حلقات،فلماذا اختير هذا الوقت،هل عدم الإدراك للواقع في الساحة السودانية ام هنالك غرضاً؟وأنا ارجح عدم الإدراك لما يدور في الساحة السياسية،لذلك نُبه القائم على أمر البرنامج بأن بث الحلقات سيكون عملاً غير موفق،وأعتقد ان الأمر مضى الى أبعد من ذلك.
*إن كانت مواقف شيخ حسن الحقيقية تبدلت بعد اجرائه الحوار،الا تعتقد انه كان ليطلب من القائم على البرنامج عدم بثها؟
انا لا استطيع أن أجيب على هذا السؤال..هل عدم البث تقدير من الأسرة أم أن شيخ حسن غير رأيه،هذا يجيب عنه الحزب والأسرة.

 

لينا يعقوب
صحيفة السوداني