احلام مستغانمي

ما تركوا لنا فرصة ضمّهم مرّة أخيرة (1)


فقدت الجزائر البارحة 12 جنديًا قتلوا إثر سقوط مروحية عسكرية في عمق الصحراء الكبرى ، أثناء مهمة استطلاع أمنية بالقرب من الحدود مع ليبيا لحماية أمن وحدود الجزائر من الأخطار المحدقة بنا .
عندما اختاروا أن يكونوا جنود الوطن ، ما كانوا موعودين بالشهادة ، كانوا لتوّهم شهودا على وطن وُلد معهم . سعداء به ، كأطفال سيكبرون معه بمقياس زمنه . كانوا للوطن أترابه ، وحيناً أبناءه . فكيف كبروا على عجل وغدوا له وقت الخطر الآباء.
حماة الحمى ، لا يملكون ترف الأسئلة . في كل الأوطان يأبون طرح السؤال الأصعب : لمَا عليهم هم دون سواهم دفع الثمن ؟
عند الدفاع عن الوطن ، نختار للموت اسمًا أكثر إغراءً، لنذهب إليه دون خوف، و ربَّما بشهوة سرِّيّة، وكأنّنا نذهب لشيء آخر غير حتفنا ، فهو الموت الوحيد الذي لن نموت فيه مجاناً ، بل قرباناً لراية ، تغدو في المعارك رمزاً يُلهب الحماس ، وكأنها ليست مجرد قطعة قماش .
كم من بين المليون شهيد جزائري، اعتقل وعُذب ، و سقط قتيلاً في حرب التحرير، فقط لأنه كان يرفع علم الجزائر أو يُخفيه في بيته ، و عدد أكثر ما زال جاهزا اليوم للموت من أجل قطعة القماش نفسها . إن كانت الأعلام جُلّها تشهر اللون الأحمر ، فلأنها لابدّ أن تُخضّب بالدم ، لتُسمّى راية .
تحتاج البلدان إلى راياتها لتغدو أوطاناً ، حاجة الشعوب لشهدائها لتغدو أُممًا .. . (يتبع )