سعد الدين إبراهيم

زنجرابيا


ونحن شلة من رجال الحة نتسامر هبط علينا (ود الشواطين).. صائحاً جاتكم فرصة العمر لتحقيق الأحلام.. أعطانا كل واحد استمارة بعنوان طلب انضمام لزنجراب.. قال إن عالم آثار هولندي اكتشف بالصدفة جزيرة مهجورة.. مناجم للماس الطبيعي النادر.. وإنه يريد أن يؤسس دولة زنجراب التي تنتج الماس.. وشرح لنا (ود الشواطين) وفسر بطاقة الانتماء هذه تتيح لك حق البقاء لمدة ثلاث سنوات في الجزيرة.. ومن ثم تكون قد استقرت كدولة فتمنح من أراد الجنسية الزنجرابية.. أنا ضحكت.. أما معظم الناس سرحوا بعيداً.. و(ود الشواطين) حكاي ومقنع في إفادته ثم أنه يرتدي قناع جدية مقنع جداً.. أضاف: ثمن الاستثمار عشرة جنيه فقط تملأها وتنتظر حلم العمر، (ود الشواطين) يجعل من الأسئلة المنطقية أسئلة بايخة وما عندها معنى كان يسأل أحدهم وأفرض انو الحكاية دي طلعت كذبة فيقول له: ولو طلعت صاح فيبهت السائل، ويقول لو طلعت صاح ما تبقى الحكاية يعني لا يكمل الجملة.. فيباغته (ود الشواطين) بعدين يااخ إنت اصلو دافع كم ما عشرة جنيه يعني شنو يا دوب طلب فول بدون محسنات.. ياخي ممكن تديها لي شحاد.. اعتبرا وقعت منك.. يسرح الناس هنيهة ثم يبدأون في شراء الاستمارات.. وزع أكثر من عشرين طلباً كان يحمله واتصل بالجوال وأرسل ولداً من أولاد الحلة عندو عجلة.. والولد العندو عجلة في الحلةببقى بتاع مراسيل كأن تقول له الجارة: عليك الله عشان عندك عجلة جيب لي الدقيق من الطاحونة.. يقول له الجار: عشان عندك عجلة جيب لي عليك الله كهرباء من دكان عبد المعين.. وهكذا. رسله (ود الشواطين) وأعطاه ورقة من فئة الخمسين وطلب منه إحضار مائة استمارة.. يصور الاستمارة (بنصف جنيه) واستمر في التوزيع.. كل مرة يطلق (ود الشواطين) خبراً عن جزيرة الماس (زنحراب).. فيقول ستنشئ زنجراب قناة فضائية.. توضح فيها عبر محللين اقتصاديين عالميين المستقبل الزاهر للجزيرة.. وكيف أن المواطنين الأوائل سيكونون أعضاء مجلس الإدارة الذين يشكلون الجمعية العمومية.. هذه الميزة لا يتمتع بها إلا المواطن الذي قضى أكثر من ثلاث سنوات وكان مواطناً صالحاً.. كل فتره ينشر إعلاناً مبهماً جاذباً.. جزيرة الحلم تنتظرك.. ستكون من أثرياء الماس الطبيعي.. زنجراب وجهتنا.. بعد فترة ينشر إعلاناً في القنوات: زنجراب جنة الأحلام.. انتظرونا..
وزع (ود الشواطين) آلاف الطلبات جنى عشرات الملايين.. استأجر (ود الشواطين) مكتباً اسماه مكتب شؤون زنجراب.. زيّنه وجمّله وعمل سكرتارية أنيقة الزي اختارها بعناية جمالية تسويقية.. ازدهر المكتب أصبحت الطلبات وريقة صغيرة.. ثم هنالك معاينات برسوم.. وذلك حتى يتم تأهيل المواطنين للعيش في جزيرة زنجراب.. ثم دراسة الموقف الصحي للمدينة والأمراض.. ويزداد عدد المشترين.. ويصبح الأمر لا فكاك منه.. تمخض ذلك الموقف عن فكرة عمل مكتب زنجراب شركة مساهمة وأن السهم هو ثمن الطلب.. ثم بعد عام جمعهم في جمعية عمومية.. وحدثهم بأن أموالهم حتى لا تذهب هدراً فقد اعتبرت سهماً لكل فرد وأن هنالك عائداً مادياً.. بلغت الأرباح هذا العام 25% للسهم.. زاد عدد المستثمرين للطلبات باعتبار الطلب سهماً.. وشغل (ود الشواطين) الأموال… ودخل السوق بعنفوان.. ومن يعرف عيشة السوق سوى (ود الشواطين).. ما زال مكتب شؤون زنجراب يقف شامخاً.. ويسأل الناس (ود الشواطين): وين جزيرة الأحلام؟ يقول: أحلام اكتر من تشغل قروشك وتستثمرها!.. ولم يحدث سوى أن أصبحوا يضربون بالجزيرة المثل فيقولون دي بقت زي حكاية زنجراب! والكذبة أصبحوا يطلقون عليها “زنجرابه”!