أبشر الماحي الصائم

في حضرة صاحب الرقائق


أطربتني إحدى إفادات الأرباب صلاح إدريس ذات لقاء صحافي، وهو يومئذ رجل متعدد المهارات والمواهب، فغير أنه رجل أعمال ناجح، هو أيضا كاتب ماهر وملحن مجيد وإداري بارع ﻻ تزال الأمة الهلالية تبكي رحيله عن النادي وتتمنى عودته، قال صلاح في ذلك اللقاء التلفزيوني.. (أرفض أن ينظر إلى البعض كما لو أنني دفتر شيكات)!!
* والشيء بالشيء يذكر، بالأمس كنت أزور الشيخ الصافي جعفر بعد عودته للبلاد من رحلة امتدت لشهر ونصف قضاها ببلاد الحرمين الشريفين، سيما أن جملة من الأحداث العظام بالبلاد حدثت في غيابه، أشهرها رحيل الشيخ حسن الترابي، وما أدراك ما الشيخ الترابي!! وشيخ الصافي الذي وثب على منابر الدعوة والحركة الإسلامية منذ أن كان طالبا، يرفض هو الآخر كما الأرباب، أن يحتقل البعض كل تاريخه في محطتي (مشروع سندس وخطبة جامعة الخرطوم الشهيرة)!! فضلاً عن أنه يمتلك دفوعاته ومسوغاته لك واقعة وحدث، غير أن للرجل المهندس مقدرة يقبط عليها في أدب (قلب صفحات جديدة) في كل مرة، مما يضطر الآخرون الركض وراءه أو الدوران في محطة معينة من محطات حياته الحركية العديدة !!
* قلت للشيخ الصافي: افتقدناك في مناسبة عزاء الشيخ وأنت يومئذ رجل منابر الإسلاميين، ما مر بهم حدث إلا وسجلت انطباعاتك وأشواقك كفاحا على ظهور المنابر أمام الأشهاد، فسجلت غيابا في ليالي مأتم الشيخ لدرجة هواجس البعض القديمة!! يقول الشيخ الصافي: أولا يا أخي أنا كنت خارج السودان لحظة الوفاة التي تابعتها كل تفاصيلها المضنية لحظة بلحظة من الخارج، وحال عودتي ذهبت لبيت الأسرة وقدمت التعازي الحارة، ولاسيما وقد رافقنا الراحل منذ عام 1964.. ونحن قد ولجنا هذه المنابر منذ عهد الطلب، صحيح أن هذه الفترة الممتدة تتخللها بعض لحظات انقباض وانبساط، غير أن مجمل المسيرة والتاريخ كانت ناصعة ومشرفة.. فعلى الأقل أن الشيخ نفسه من علمنا الجرأة وعدم الاعتقال في موقف بعينه !!
* سألت إن كانت ثمة قطيعة قد وقعت بينكما بعد تداعيات المفاصلة !! قال: ربما لا يعرف الكثيرون أن التواصل الأسري لم ينقطع بيننا.. فعلى الأقل أنا من القلائل الذين تجاوزوا حواجز الأجهزة الأمنية لزيارته بمستشفى ساهرون، يوم أن جيئ به من السجن للاستشفاء، وقد كان ابني الطبيب جعفر ضمن تيم التطبيب يومئذ بالمستشفى !!
* من جهته يرى صاحب (منتدى الرقائق) أن الحوار والتفاهم في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، يفترض أنه فوق الأحزاب والمؤتمرات والحركات، ليكون بين أطياف الشعب السوداني، فهذه دعوته التي سبقت دعوات الحوار الأخيرة، على أن منتدى الرقائق الذي مضت على تكوينه السنون، هو أصلا نهض للم شمل أهل القبلة على صعيد واحد، على أن المنتدى عبر تاريخه قد جمع بين كل مكونات المجتمع برغم تباين توجهاتهم !! وعلى الأقل هذه هي الدعوة التي لاقى بها وعليها الشيخ ربه راضيا مرضيا بفضل الله تعالى، دعوة جمع كلمة السودانيين علي مشتركات العقيدة والوطن، ويرى، صاحب الرقائق، أن من دواعي البر للشيخ المضي قدما في عمليات الحوار والأخذ بمخرجاتها.. على أنه هو الآخر ماض في عمليات الحوار والنصح ولم الشمل على طريقته، طريقة منتدى الرقائق الذي يحتمل كل السودانيين على اختلاف تباين مشاربهم ومضاربهم.. والله خير ناصرا وجامعا وهاديا.