الطاهر ساتي

تصريح أشتر ..!!


:: البروف غندور، وزير الخارجية، صمت دهراً ثم نطق جهلاً في قضية بعض الطلاب الأجانب.. إذ يقول الخبر بآخر لحظة : ( أكد وزير الخارجية ابراهيم غندور صحة ما أثير عن توقيف طلاب مصريين بتهمة تسريب إمتحانات الشهادة الثانوية، ويوضح أن عدد الطلاب المصريين الموقوفين يبلغ (15 طالباً)، وليس (32) كما تزعم وسائل إعلام مصرية)، هكذا تصريح وزارة يجب أن تتسم تصريحاتها بالدقة والمهنية.. تصريح غندور لايختلف عن خطاب الإعلام الملكي .. لم يتم توقيف أي طالب – مصرياً كان أو أردنياً – بتهمة التسريب، فالتهمة كانت ولاتزال هي (حالات غش)..ثم عدد الطلاب المصريين الذين تم ضبطهم في تلك الحالات ( 55 طالباً)، فمن أين جاء غندور بالرقم (15)…؟؟
:: فالمسافة ما بين مباني الخارجية ومباني التعليم والسلطات الشرطية والأمنية تُعد بالأمتار وليست بالأميال، ولكن يبدو أن الكسل بلغ بوزارة الخارجية بحيث تكون مصادر معلوماتها الأبواق الأردنية والمصرية.. وناهيكم عن أوراق إمتحان مادة أو ورقة من امتحان تلك المادة، فلو تسربت ثلاثة أسئلة فقط لاغير من ورقة أي إمتحان، لإمتلأت بها وسائل التواصل وأجهزة الهواتف قبل و بعد زمن الإمتحان.. فالتسريب مع ثورة الإتصالات (لا يحدث سراً)..وتبادل الطلاب إجابات بعض الأسئلة – فيما بينهم – بالهواتف السيارة أثناء ساعات الإمتحان نوع من ( الغش)..وقد لايعلم غندور أن طلاب الجيل الإلكتروني تجاوزوا عهود ( البخرة )، وهي تلك الوريقة الصغيرة المطبقة والمحشوة ببعض المعلومات، بحيث تصول وتجول في الفصل ( إذا صابت)، وتبقى طي قميص حاملها ( إذ خابت).. وحل محلها الواتساب ..!!
:: ثم أن الأجلاء الذين يديرون دفة إمتحانات الشهادة السودانية ليسوا من السياسيين كأمثال غندور بحيث ( يمشطوها بي قملها)..بل هم بعض نقاء المجتمع الذي لم يتلوث بمؤثرات السلطة والثروة، وقد يكون أصغرهم عمراً وعطاء في دروب التربية والتعليم بعمر غندور السياسي.. ولا يُوجد من هو أحرص منهم في التمسك بشرف المهنة ونزاهتها بحيث ينتظروا غندور – أوالإعلام الأردني – ( يفتي لهم).. وقبل أن تسمع الخرطوم وصحفها – ووزير خارجيتها- هؤلاء الأجلاء هم الذين أعلنوا خبر تسرب إمتحانات بعض المواد بقرية نائية في بعض مراكز دارفور في العام (2003)، ثم أعادوا كل الإمتحانات في كل أرجاء السودان رغم أنف الإرادة السياسية غير الراغبة للإعادة ..!!
:: وفي مطلع الثمانيات، ولم يكن نظام الحكم ديمقراطياً، أعلنوا ثم أعادوا إمتحان الأحياء ..وقبل سبع سنوات، أعلنوا عن خطأ توزيعهم للإمتحان البديل ببعض مراكز دارفور ثم عالجوا الخطأ بعدالة لم تظلم طالباً..هكذا مسيرة أساتذتنا الأجلاء في إدارة ولجان الشهادة السودانية، وهي ليست بحاجة لشهادة أردنية ومصرية أو فتاوي غندور..مسيرة خالية من التستر على التسريب، ولو توفر مثال ذرة من صدقهم في دهاليز السياسة – ودبلوماسية غندور- لما بات أحدنا جائعاً ولما مات الآخر بالحرب..!!
:: ويكفي الأجلاء ظلماً أن ميزانية رواتبهم أقل من نثريات بعثة دبلوماسية لا تعود من الخارج إلا بالمزيد من الحصار و المقاطعة..ونظلم بلادنا وتعليمنا وأساتذتنا الأجلاء حين نجاري – بجهل – حماقة نائب رئيس الوزراء الأردني وتصريحه الأخرق – حول الشهادة السودانية- متناسياً أن حجم الكوادر الأردنية التي تعمل بهذه الشهادة – وغيرها من شهادات السودان العليا – تجاوز ( 18.000 أردنياً)، وفيهم من شغل ويشغل وزيراً بالزراعة ووكيلاً بوزارة التجارة ومديراً للجمارك ووكيلاً بوزارة العمل وغيرها من مناصب الأردن العليا، فهل يتجرأ بعدم الإعتراف بهم ..؟؟