مزمل ابو القاسم

منجدة ليست وحدها


* قضية الغش التي تفجرت في امتحانات الشهادة السودانية لا تحتمل التعامل معها باللغة الهتافية التي استخدمتها الدكتورة سعاد عبد الرازق وزيرة التربية الاتحادية، خلال حديثها في حفل التكريم الذي نظمته اللجنة العليا لتأمين الامتحانات للمعلمة التي كشفت الخيط الأول للقضية.
* تكريم المعلمة منجدة الريح شكل لفتة بارعة من لجنةٍ كانت مطالبة بتوسيع مظلة التكريم، لتشمل كل معلمي ومراقبي مدرسة (علي السيد) بأركويت، لأنهم ضبطوا أخطر حالة غش في تاريخ الشهادة السودانية.
* ضبطت منجدة هاتفاً جوالاً مع أحد الطلاب الأجانب، وتكفل زميل لها بفتح الجهاز وفحصه، والتأكد من أنه يحوي حلولاً نموذجية لامتحان مادة الأحياء.
* حرص المعلم المذكور (ورفاقه) على التدقيق في محتويات الجهاز تسبب في إماطة اللثام عن قضية بالغة الخطورة، وأدى إلى ضبط كل المشاركين في الغش، لذلك لم يكن من اللائق تجاهلهم، وحصر التكريم على معلمة وحيدة، مع تمام اعترافنا بأنها استحقت التكريم.
* تفاصيل ما جرى تؤكد أن الحادثة تمت بتدبير محكم من شبكة خططت للأمر بعقلية إجرامية ماكرة، وأفلحت في الحصول على أوراق الامتحانات، بعد توزيعها على الطلاب، وبادرت بوضع إجابات نموذجية لها، وأرسلتها عبر تطبيق (واتساب)، لاستخدامها في الغش.
* تلك التفاصيل تتطلب من القائمين على التحقيق الاجتهاد لتحديد الكيفية التي تم بها الحصول على أوراق الامتحانات، وتحديد المركز الذي تم فيه الخرق المذكور، وضبط من شاركوا في الحل، وكشف الجهة التي حضتهم على ممارسة تلك الفعلة المشينة الخطيرة.
* هناك نقطة جوهرية كشفها لنا أحد المعلمين الذين شاركوا في ضبط الغشاشين، وتتمثل في أن عدداً مقدراً من الطلاب الأجانب عمدوا إلى تسليم أوراقهم بيضاء، من دون أن يكتبوا عليها أي حرف.
* السلوك المذكور يفتح باباً لسؤال مهم، مفاده لماذا تكبد أولئك الطلاب مشقة الحضور إلى السودان للخضوع لامتحاناتٍ لم يجهزوا أنفسهم لحلها؟
* لماذا دفعوا الرسوم، وقطعوا التذاكر، وتكبدوا مشقة السفر إلى السودان، وتحملوا كلفة الإقامة فيه، طالما أنهم ليسوا مؤهلين لحل الامتحانات؟
* ما الذي هداهم إلى فكرة الحصول على شهادة اشتهرت بالصعوبة، وعرفت بارتفاع قيمتها الأكاديمية، إن لم يكونوا على علم بأنهم سينالونها بأقل مجهود، أو بلا مجهود على الأصح؟
* الواقعة تشير إلى أن وجود مجموعة من الطلاب الأجانب، تلقوا إجابات الامتحانات بهواتف ذكية، وسماعات متطورة أشار إليها سعادة الفريق أول محمد عطا المولى مدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وتكشف عن مجموعة أخرى، لم تكلف نفسها عناء الإجابة على الأسئلة أصلاً.
* نسأل: هل تلقت المجموعة الثانية تأكيدات من أي جهة بتأمين نجاحها في الامتحانات، بمجرد وضع الأسماء على الأوراق، أم ماذا يا ترى؟
* مطلوب التقصي عن كل تلك الأسئلة، وتحديد هوية كل المشاركين في خرقٍ مزعج، يستحق المتورطون فيه أن ينالوا أقصى العقوبات، ليصبحوا عبرةً لمن يعتبر.
* عندما يتعلق الأمر بالمحافظة على شهادة أكاديمية عريقة بقيمة الشهادة السودانية يصبح من الضروري بمكان استخدام أعلى درجات الشفافية لتوضيح حقيقة ما جرى بالكامل، وإعلانه على الملأ بالتفصيل الممل.
* نور الحقيقة وحده كفيل بدحض ظلام الشائعات، والمحافظة على نقاء الشهادة السودانية من الشبهات.