أبشر الماحي الصائم

كامل إدريس.. رئيس محتمل


ﻻ أعرف خدمة إعلانية جهيرة كبيرة قدمت لكتاب السيد كامل إدريس، أعظم من عمليات منع بعض الإعلاميين السفر إلى لندن للمشاركة في حفل التدشين!! مما جعل الكثيرين يتطلعون إلى اقتناء نسخة من الكتاب، وبأي ثمن!!..
وفي المقابل لو تمكن المدعوون من السفر إلى حيث دشن الكتاب، لكان استمتاع القراء بثقافة أدب الرحلات إلى عاصمة الضباب، أعظم من متون الكتاب نفسه!!.. لو استعان السيد كامل إدريس بعباقرة شركات الإعلانات العالمية، لما كان في وسعها تقديم أفضل مما قدمته الأجهزة الأمنية من ترويج للكتاب، وهي تعيد فيصل محمد صالح من مطار الخرطوم، فقد عاد الرجل ﻻ محالة من المطار ببعض نقاط نضال ناصعات تضاف إلى سيرته الذاتية، ففيصل قبل المنع والرجوع (لوطن القمرة والقماري) ليس كبعده!!.
* لا أعرف حكومة تصنع من معارضيها (حالات بطولة) مثلما تفعل الحكومة السودانية في هذا التوقيت بالذات!! فلو أن جهة أخرى قامت بعمليات خصم وإضافة لهذه العملية الأخيرة، لأفضت بها إلى عمليات خسارة كبيرة في أرصدة الاحتمال وسعة الحريات!!
* ﻻ أتصور أن للحكومة أزمة مع الكتاب الذي يجتهد ليضع خارطة طريق للدولة السودانية، كما ليس لها في المقابل أزمة مع مؤلف الكتاب نفسه، الدكتور كامل إدريس رجل (الملكية الفكرية) الأشهر على نطاق العالم، وأيضاً صاحب (الطموح المشروع) لرئاسة الجمهورية السودانية، سيما وأن الرجل يستخدم آليات حضارية في هذه الطريق، مرة بترشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات وفق القوانين واللوائح المنظمة لهذه اللعبة، ومرات بتقديم رؤى وبرامج، كتابه الأخير عن مستقبل السودان نموذجاً، لإقناع الشعب والنخب بأنه يحمل مشروعا جديرا بالتوقف عنده !!
* وحسب المعلومات المتوفرة، فإن الدكتور كامل إدريس كان ينوي تدشين كتابه في الداخل، بيد أن جهات خارجية أقنعته بأن يكون الاحتفال بالكتاب خارج السودان، وذلك حتى تتمكن القوى المعارضة من المشاركة، على أن يستقدم بعض رؤوساء التحرير والكتاب من الداخل، على النحو الذي لم يحدث تماما، مرة بسبب تباطؤ السفارة البريطانية بالخرطوم، ومرات كحالة الأخ الأستاذ فيصل محمد صالح، الذي أصبحت حالة منعه من السفر أشهر من حالات عرض الكتاب نفسه!!
* أعظم مافي تجربة السيد كامل إدريس، اجتهاده في جعل مرجعية طلب الحكم في (بلاد النيل والشمس والصحراء)، تتمحور في فن عمليات التسابق في (طرح البرامج) ورسم خطى المخارج من الأزمات الوطنية المستحكمة، على أن بعض الآخرين يطلبون الحكم على افتراض أنه (حق إلهي).. على طريقة الآية الكريمة (قالوا لوﻻ أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم).. على أنهم هم لا غيرهم قد بعثوا ليملأوا الأرض عدلا كما ملئت جورا!
* ليت الحكومة على لسان إحدى مؤسساتها البحثية في عصر الحوار، لو تبنت دعوة الأخ الكريم الدكتور كامل إدريس لتدشين نسخة محلية من كتابه هنا في الداخل، بحيث ليس بمقدور السفارة البريطانية حجب الإعلاميين من المشاركة الوطنية.. بل ستكون إضافة مقدرة في أدب الحوار الذي تركب له الحكومة كل القطارات وتضرب له أكباد الإبل.