مقالات متنوعة

محمد لطيف : جائزة الطيب صالح.. الأصل! 3


(.. وفي أكتوبر من العام 2002 انطلقت جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي.. فكان الحدث الأهم أن خاطب نسختها الأولى وبارك مشروعها صاحب الشأن الأديب الكبير الطيب صالح.. ومضت الجائزة تعود في كل عام كحدث أبرز وفي العام السادس نبعت فكرة الاهتمام بالقصة القصيرة أيضا بجانب الرواية باعتبارها واحدة من انشغالات الطيب صالح كذلك.. الأولى تنعقد في الحادي والعشرين من أكتوبر في كل عام.. والثانية في السادس من أبريل.. ولا غرو فالثقافة صنو الحرية.. وقد يفسر ذلك بعض أسباب الحرب عليها.. وعلى حاضنتها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي!)
هذه الفقرة نستعيرها مما كتبنا أمس الأول فقط للتذكير.. كما نشير للتذكير أيضا بأن سكرتارية الجائزة كانت تضم بجانب الراحل الأستاذ أحمد عبد المكرم كلا من الدكتور مرتضى الغالي والأستاذ نجيب نور الدين والأستاذ محمد مصطفى الأمين والأستاذ سليمان محمد إبراهيم والأستاذ وليد خلف الله والأستاذ أمين محمد أحمد فيما ظلت لها لجان للتحكيم تنعقد سنويا.. بجانب مجلس أمناء الجائزة الذي يضم أعلاما من أفذاذ هذا الوطن لهم إسهاماتهم المشهودة في كل المجالات.. ولكن يبدو أن لعنة الأنا.. أو إعلاء الذات لم تسلم منها جائزة الطيب صالح الأصل هي الأخرى.. فذات عام والمركز يلملم أطرافه فيما الحزن يجلل حوافه على فقد الطيب صالح.. والذي ولا شك قد أضاف بجائزته بعدا جديدا للمركز.. كان المركز حينها يعد العدة لإطلاق نسخة جديدة من الجائزة.. ولحفل التأبين.. ولتدشين مطبوعة مهمة.. والحمل ثقيل.. وجاء من داخل مجلس الأمناء من يبشر أهل الجائزة والقابضين على جمرها.. بأن شركة زين للاتصالات قد وافقت على رعاية جائزة الطيب صالح بمبلغ خمسين ألف دولار.. فتهللت الأسارير.. وتم الترحيب بهذا الدور المجتمعي الكبير لزين.. ولكن.. وفجأة.. يتراجع كل ذلك.. ويطل على المشهد أمر جديد.. ففي أول مناسبة يعلن ذات الذي بشر بالدعم الزيني (ح. أ. ط).. أنه بصدد إنشاء مركز باسم الطيب صالح.. ثم ودون مقدمات.. ولا يدري أحد حتى اليوم من أين أتى بذلك التفويض ومن منحه الحق للتحدث باسم الجائزة.. يعلن أن الجائزة ستنتقل إلى المركز الجديد وأنها ستنطلق من هناك.. ثم يلقى ما قال الرجل استهجانا شديدا.. بل ورفضا في الدوائر الثقافية والأدبية والفنية.. ورغم أن القريبين يومها من الحدث كانوا يعرفون قدراته وإمكاناته وعلاقاته المتشابكة إلا أنهم لم يتوقعوا أن يحدث ما حدث.. تعثر مشروع المركز الجديد.. لأنه لم يكن موضوعيا أصلا.. بقدر ما كان رد فعل وحالة من الأنا الزائدة.. وبالتالي تعثر موضوع انتقال الجائزة أيضا..!
ولكن المفاجأة أن زين التي كانت قد وافقت أو للدقة نسب إليها أنها قد وافقت على دعم الجائزة التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي.. قد نكصت عن ذلك.. ولم تنكص عن وعدها فحسب.. بل قررت أن تستنسخ جائزة أخرى بذات الاسم مع تعديل بسيط فالجائزة الأصل معنية بالإبداع الروائي بينما قالت الجائزة المستنسخة إنها معنية بالإبداع الكتابي.. وياله من فرق!.. ثم وبذات الأهداف.. بل وبذات المناشط المصاحبة مع إلحاق العالمية في مسعى واضح لتمييز المستنسخة.. أو بالأحرى لدفع الاستنساخ عنها..!
وإن بقي سؤال فهو عن المسؤولية الإخلاقية لجموع المثقفين الذين كانوا يتحلقون حول مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي وجائزته ثم يسئلون عن سر الهجرة الجماعية عن المركز وجائزته إلى الجائزة المستنسخة..؟!