تحقيقات وتقارير

الرئيس “البشير” إلى ولايات دارفور الخمس والمواطنون يترقبون حزمة من القرارات


تبقت أيام قلائل تفصلنا عن الموعد المضروب لمرحلة الاقتراع للناخبين بدارفور ،والبالغ عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص،سجلوا أسماءهم، للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، للإختيار بين العودة لنظام الإقليم الواحد أو الإبقاء على نظام الولايات المخمس، الساري الآن.
رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” سيبدأ غداً (الجمعة) سلسلة زيارات لولايات دارفور، قبل انطلاقة صافرة الاقتراع بولاية شمال دارفور، حيث يخاطب هناك لقاءً جماهيرياً ،وينتقل بعد ذلك إلى ولاية غرب دارفور، في اليوم التالي، ثم الى وسط دارفور ،فجنوب دارفور ،وأخيراً شرق دارفور.
وتكتسب زيارة رئيس الجمهورية لولايات دارفور أهمية كبيرة وتحظي باهتماماً عظيم من كل الاوساط و على جميع الأصعدة ،خاصة وأن الإقليم شهد تحسناً في مسار قضية السلام ،وانهاء الحرب التي اندلعت قبل (13) عاماً، ويتوقع ان يطلق الرئيس حزمة من القرارات خلال الزيارة المرتقبة . ولكن ما هي؟
ولاية غرب دارفور تتأهب
ولاية غرب دارفور كغيرها من ولايات دارفور الخمس، ظلت تعمل هذه الأيام كخلية نحل، من خلال مكوناتها السياسية ومنظمات المجتمع كافة ، لاجل انجاح الاستفتاء ،والتبشير بأهمية الاقتراع فيه ، حتى يتمكن المسجلون على مستوى محليات الولاية الـ(8) والبالغ عددهم أكثر من ثلاثمائة ألف وخمسين ناخباً، من الادلاء باصواتهم ، وقد تباينت آراء قيادات الأحزاب والقوى السياسية، ومنهم من يؤيد خيار الولايات ،وهم الأكثر شيوعاً، ويتقدمهم حزب المؤتمر الوطني وحلفاؤه، بينما يؤيد قيادات حزب التحرير والعدالة القومي جناح “السيسي” خيار الإقليم، وقد شهدت الولاية خلال اليومين الماضيين، حضور عدد من قيادات الأحزاب من المركز والسلطة الإقليمية لدارفور، وانخراطها في الحراك الجاري..
وخلال الندوة التي نظمها التحالف الطلابي بالولاية، ذكر والي غرب دارفور د.”خليل عبدالله” أن السلام الذي يحرس بالبندقية ليس بالسلام الحقيقي، لافتاً إلى أن السلام الاجتماعي هو السلام الحقيقي، وأن يعيش الناس في سلام دون أن يعتدي شخص على آخر، ودعا مواطني الولاية للابتعاد عن التعصب القبلي، تحت مظلة “أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”، وتابع : “الباب البجيب الريح سدو وإستريح”، واتهم الوالي بعض قيادات التمرد بتمرير أجندة دولة إسرائيل وراعيتها أمريكا، لتفتيت البلاد وزرع الفتن والفرقة والشتات، خوفاً من أن تكون دولة السودان دولة عظمى بفضل مواردها الغنية، وأشار الوالي إلى أهمية خيار الولايات في تحقيق التنمية والأمن والاستقرار، ورأى الأمين السياسي للتحرير والعدالة “تاج الدين نيام” تمسك حزبه بخيار الولايات، معدداً المكاسب التي تجنيها الولايات من خلال تقديم الخدمات الضرورية لمواطن دارفور.
وأتفق وزير الإعلام بالسلطة الإقليمية د.عبدالكريم موسى هو الآخر مع فكرة خيار الولايات،وأمن عليها وحذر، في ذات الوقت ، من مغبة أن يفضي خيار الإقليم إلى عودة دارفور إلى مربع الصراع القبلي ،بفعل استلاب مشاركة بعض أبنائها من السلطة، بعد أن ذاقوا حلاوة السلطة لعشرات السنين، وتابع أن تصاعد حدة الاحتقان والصراع القبلي وهشاشة التكوين الاجتماعي وتراجع الاستقرار الأمني، سيبرز واقعاً جديداً مما قد يشجع الجماعات الدينية المتطرفة لدخول البلاد عبر الحدود مع دول الجوار، وقال إن بقاء الولايات هو تقوية للحكومة المركزية ،وتحقيق الأمن والسلم الدوليين بالقارة، والتقليل من احتمالات تسرب الجماعات المتطرفة، بينما رأى الأمين السياسي للتحرير والعدالة القومي، جناح “السيسي”، “معتصم عبدالرحمن أرباب” أن خيار الإقليم هو الخيار الأوحد للم شمل أهل دارفور، وتحقيق الاستقرار والأمن.
شرق دارفور الزيارة الأولى بعد التأسيس
زيارة الرئيس لولاية شرق دارفور تحمل في طياتها شأناً مختلفاً، حيث إنها تعد الأولى رسمياً للرئيس منذ إنشاء الولاية في العام (2011)، حيث سبق للرئيس زيارة الولاية، لكن تلك الزيارة كانت ذات صلة بالعمل السياسي وحيث كان يقوم بحملته الانتخابية، ويبشر ببرنامجه ، مرشحاً لرئاسة الجمهورية.
على صعيد تحضيرات الولاية لهذه الزيارة فإن مدينة “الضعين” تشهد حركة دؤوبة من جانب حكومة الولاية ولجنتها العليا، المشكلة من قبل والي الولاية، لوضع اللمسات النهائية على برامج الزيارة، فأعدت المشروعات التنموية المنتظر افتتاحها، وتلك التي سيتم تدشينها لبدء العمل في إنشائها، أما على الصعيد الشعبي، فقد وقفت (المجهر) على اهتمام المواطنين بهذه الزيارة التي يطمحون أن تحقق لهم تطلعاتهم التي ظلت مؤجلة منذ قيام الولاية ، بفعل عدم الاستقرار الذي شهدته الولاية في السنوات الماضية، وارتفع سقف طموحات المواطنين في التحول إلى التنمية وبسط الخدمات الأساسية بكل أرجاء الولاية، بعد توقف ماكينة الصراعات القبلية، التي عانت منها الولاية، فالمواطنون هنا في حاضرة الولاية، “الضعين”، ينتظرون من هذه الزيارة، أولاً، معالجة مشكلة مياه الشرب التي يعاني في الحصول عليها سكان المدينة، أما محليات الولاية فهي الأخرى تواجه مشكلة شح المياه سواء كان للإنسان أو الحيوان، حيث أجمع جميع من التقتهم “(المجهر) أثناء تجولها داخل حاضرة الولاية “الضعين”، قبيل الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية، على أن مشكلتي المياه والكهرباء هما أكبر ما يعانون منه من مشاكل ..
وقال المواطن بحي المطار غرب “طبيق حامد” ،إنهم ينتظرون من زيارة رئيس الجمهورية معالجة أكثر قضيتين ظلتا تؤرقانهم، وهما مشكلتي”مياه الشرب والكهرباء”، وقال “نحن في حي المطار نعاني معاناة شاقة في الحصول على المياه”، وأضاف “بنرسل الأولاد بالفنطاس من صلاة الفجر ،حوالي السادسة ونصف صباحاً ، ولا يعودون بالمياه إلا بعد ثلاث أو أربع ساعات بسبب الزحمة الكبيرة في الدونكي”، مشيراً إلى أن حي المطار يبعد حوالي “ثلاثة” كيلو مترات من قلب المدينة، لكنهم يفتقدون لخدمات الكهرباء، وقال إن أكثر من (50%) من أحياء المدينة خارج نطاق تغطية خدمة الكهرباء، “لذلك نطلب من رئيس الجمهورية حلاً لهاتين المشكلتين”.
وتعد قضية الطرق بحاضرة الولاية إحدى القضايا التي أجمع على المطالبة بها مواطنو الولاية، وقال مدير إدارة المساحة بالولاية المهندس “محمد عبد الرحمن” لـ(المجهر) إن طول الطرق المسفلتة بمدينة “الضعين” حوالي (10) كيلو مترات، وأشار إلى أن الولاية منذ إنشائها لم يتم فيها سوى سفلتة (اثنين) كيلومتر فقط في الطريق الرابط مطار “الضعين” بالمدينة، وذكر أن هذا الطريق به عيوب هندسية في مواصفاته ، أدت إلى تصدعه على الرغم من انه لم يمضِ على إنشائه عام واحد، ولم يتم بعد تسليمه للحكومة، لكنه أشار إلى أن هناك (16) كيلو متر مقترحة للسفلتة، أبرزها طريق “الضعين- أبومطارق- سماحة”، الذي تمت دراسته وسيطرح عطاءه قريباً..
إن مطالبة المواطنين بخدمات المياه والكهرباء تكاد تنطبق على خدمات الصحة، حيث يوجد بحاضرة الولاية فقط مستشفى واحد، ولم تكن حاله – التي وقفت عليها المجهر- متناسبة مع حاجة الولاية، وأفاد موظف بوزارة التخطيط العمراني بأن وزارته تسلمت منذ (13) شهراً مبنى المركز الصحي ،بحي “المهاجر” في مدينة “الضعين”، لكنه ظل مغلقاً بسبب عدم وجود الكوادر الصحية بالولاية..
والي الولاية “أنس عمر” قال لـ(المجهر) إن حكومته تمكنت من تجاوز كل العقبات التي كانت تحول دون انطلاقة العمل في مشروع مطار “الضعين”، وأشار إلى أن رئيس الجمهورية سيفتتح بعد ذلك ،مبنى أمانة حكومة الولاية الجديد، الذي تم تشييده في إطار حملة الولاية لتأهيل البنية التحتية لمقرات الجهاز التنفيذي، ومن ثم يدشن انطلاقة مشروع “زيرو عطش” ، بعدد (6) محليات من جملة محليات الولاية الـ(9)، وذلك بافتتاح بئر تعمل بالطاقة الشمسية، مشيراً إلى أن هذا المشروع قطع شوطاً مقدراً بعد أن وفرت وزارة الكهرباء والسدود الآليات الضخمة لتنفيذه، كما سيفتتح رئيس الجمهورية عدداً من منشآت جهاز الأمن والمخابرات الوطني المتمثلة في مباني رئاسة الجهاز، ومسجد الشهيد “إبراهيم تاج الدين”، واستراحة ومنازل الجهاز، ويستمع إلى تقرير من مجلس الوزراء عن أداء حكومة الولاية قبل أن يخاطب اللقاء الجماهيري، ومن ثم يتوجه رئيس الجمهورية إلى محلية أبوكارنكا، ويفتتح عدداً من المنشآت الصحية والتعليمية، بالإضافة لمشروع”زيرو عطش”.
وأكد والي شرق دارفور أن ولايته تنعم بالأمن والاستقرار، وقطعت شوطاً كبيراً في طريق المصالحات القبيلة، بفضل مجهودات حكومة الولاية وزعماء الإدارة الأهلية، الأمر الذي انعكس استقراراً في كافة مناحي الحياة- بحسب الوالي- وقال إن هذا الاستقرار أسفرت عنه عودة (800) أسرة من معسكر “النيم” إلى منطقة شرق تبلدي، بمحلية عسلاية.

المجهر