منوعات

للمحتالين فقط.. “3 مايو” بدء موسم النصب على الدولة المصرية


3 مايو 2016، قد تمثل فرصة جديدة لأولئك الراغبين في الاحتيال على الدولة المصرية لتحويل الأراضي المخصصة لإسكان الفقراء ومتوسطي الدخل إلى فرص استثمارية.. هل تحب أن تكون من هؤلاء؟

الدولة تقول إن هذا لن يحدث وإنها لن تسمح به ولكن الوقائع تقول إن تاريخ ما يسمى بـ”قرعة الإسكان الاجتماعي” أثبت أنها كانت خلال السنوات الماضية موسما مثاليا لمن يرغبون في تسجيل مفارقات مدهشة في عالم النصب والاحتيال.

ما هي قرعة الإسكان الاجتماعي؟

يفترض أن تكون هذه قرعة علنية تنظمها الدولة بشفافية لتوزع من خلالها قطع أراضٍ في مدنها وتجمعاتها السكنية الجديدة بأسعار تقل بصورة مذهلة عن مثيلاتها، والهدف هو تشجيع الشباب من متوسطي الدخل على بناء مساكنهم الجديدة، بعض هؤلاء الشباب يجمع ما لديه من أموال ويبيع ما لدى زوجته من حلي ذهبية أو يقترض لجمع مبلغ مقدم ثمن الأرض الذي يتراوح بين “25 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 10 جنيهات تقريبا)، ولكن كثيرا ما تتبخر أحلام هؤلاء، بانتقال تلك الأراضي إلى أيدي “سماسرة محترفين” بدلا منهم.

الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، أعلن قبل أيام – الخميس 24 مارس/ آذار 2016 – عن طرح عدد كبير من اأراضي المخصصة للإسكان الاجتماعي (لمتوسطي الدخل)، والمتميز (للطبقة فوق المتوسطة)، والأكثر تميزاً في 22 مدينة مصرية، عن طريق القُرعة – يبدأ التقدم لها في 3 مايو/آيار المقبل.

مفارقات القرعة

القرعات السابقة شهدت مفارقات عدة كان منها حصول 27 أخا من 11 أسرة على قطع أراض سكنية متجاورة في نهاية يوليو/تموز 2015، وهو ما أثار حفيظة نحو 27 ألف مواطن كانوا قد تقدموا للقرعة ولم يحصلوا على قطعة أرض، وهي الواقعة التي أثارت جدلاً على الشبكات الاجتماعية ودشنت صفحات على الفيسبوك باسم اتحاد متضررى قرعة الأندلس.

فيديو إجراء قرعة من استاد المقاولين العرب

خاسرون رفضوا عروض السماسرة

“هافينغتون بوست عربي” تحدثت إلى بعض الشباب الذين تقدموا إلى قرعات سابقة ولم يحالفهم الحظ، والذين حمّلوا السماسرة سبب أزمتهم، في حين رفض السماسرة الاتهامات كما رفض اغلبهم الحوار بعد مواجهتهم بها.

بعد تجربتين خاسرتين مع قُرعة الإسكان الاجتماعي، تقدمت نادية عبد الحفيظ – مدرسة بالأزهر الشريف – إلي قرعة الإسكان المتميز الأخيرة في يناير/كانون الثاني وفازت بها ، تقول “تجربتان في الإسكان الإجتماعي أصبت بعدهما بالإحباط، ورغم أن هناك سماسرة عرضوا علي تسهيل الموضوع مقابل 20 ألف جنيه ، إلا أنني رفضت تماماً واعتبرتها رشوة”
محمد شاب مصري يمتلك 25 ألف جنيه ويحلم بقطعة أرض ، يقول “تقدمت لأول قرعة في 2014، ولم أفز بها وتركت مبلغ مقدم الحجز في البنك للقرعة التي تليها ثم التي تليها، 3 مرات وكل مرة أفقد الأمل في عدالة القرعة، ورغم أن هناك سماسرة بيخلصوا كل حاجة إلا أنني لا أملك ما أعطيه لهم”.

النصب باسْم القُرعة

وهناك مصريون تعرضوا للنصب وضاعت أموالهم في سبيل الحصول على أرض الأحلام، ومن بينهم “وردة” ، وهي سيدة عرض عليها أحد السماسرة دفع مبلغ 50 ألف جنيه للفوز بـ 3 قطع، وكانت النتيجة خسارة الأرض وضياع المبلغ .

تقول وردة: “جاءني أحد السماسرة وقال لي هناك شخص ببنك الإسكان والتعمير ممكن يخلص لك 3 قطع أرض في مدينة بدر بطريق “القاهرة – السويس”، مقابل دفع مبلغ 20 ألف جنيه قبل القرعة و30 ألفاً آخرين عند الفوز بها”.

وتضيف وردة أن من ادعى أنه موظف بالبنك أحضر خريطة بقطع الأرض المعروضة في القرعة وقال لها إختارى من القطع ما يناسبك، وتقول “شعرت أن الحكاية بجد والأرض رسيت علي خلاص واخترت 3 قطع قريبة من بعضها لكن الفرحة تحولت لصدمة”.

وردة ظلت تنتظر القرعة التي لم تفز فيها بأي شئ، وعندها ذهبت للسمسار كي تسترد ما دفعته أنكر علمه بالواقعة، كما أنكر من ادّعى أنه موظف بالبنك حصوله على أية أموال منها، فقامت وردة بعمل محضر لهما برقم “323/2016/323”.

مراسل “هافينغتون بوست عربي” تحدث مع عدد من السماسرة فرفضوا الحوار، وأكدوا أنهم مجرد وسطاء في عمليات البيع والشراء، دون أن ينفوا وجود موظفين يساعدون في إرساء القرعة لمن يدفع، وأن المبالغ تتراوح ما بين 10 و 30 ألف جنيه حسب القطعة والاتفاق.
وهو ما دفع بمراسل الصحيفة إلى الحديث مع السمسار “ط.ع” على أنه شاب يريد التقدم للقرعة المقررة في 3 مايو/أيار المقبل للحصول على قطعة أرض إسكان إجتماعي بمدينة العاشر من رمضان.
الحديث مع السمسار لم يكن سهلا ففي البداية قال أنه لا علم له بمثل هذه الأشياء، ولكن عندما قال له مراسل الموقع أنه من طرف أحد معارفه تحدث على مضض، عبر التليفون طالبا مقابلة شخصية في القاهرة.

السمسار بدا على علم بكل تفاصيل وبنود وشروط القرعة المقبلة التي أعلنتها الصحف المصرية، وقال إنه على استعداد لتخليص قطعة الأرض في أى مدينة من الـ 22 المقرر بها القرعة، مقابل دفع مبلغ 10 آلاف جنيه، وقال ان هناك شخص ببنك الإسكان والتعمير دوره إرساء القرعة على “من يدفع”، مؤكداً أنه يمكنه “تخليص الشقة بمبلغ 6 آلاف جنيه فقط”، و أن هذا عرض “خاص جداً”.

وزارة الإسكان تتهم السماسرة

مدير أحد فروع بنك الإسكان والتعمير، وهو البنك المملوك لوزارة الإسكان المصرية، أكد لـ”هافينغتون بوست عربي” أن ما يثار حول تورط بعض موظفيه في عمليات سمسرة وإرساء القرعة على من يدفع مجرد “هراء ليس عليه دليل”.
المدير الذي رفض ذكر اسمه، أكد أنه “بمجرد غلق باب الحجز في القرعة يتم فرز أوراق المتقدمين، وطبقاً لشروط وزارة الإسكان يتم استبعاد من حصلوا على أراض في القرعات السابقة”.

المسؤول الحكومي قال عن القرعة إنها “تتم بشفافية وعلنية أمام المتقدمين في إستاد شركة المقاولين العرب بالقاهرة، وهناك كاميرات تصور مجرياتها بالكامل، إذ يقوم كل مشارك بوضع اسمه بنفسه داخل الصندوق، ويشارك في السحب 2 من المتقدمين، ويختار الأوراق الفائزة أحد الأطفال”.

وعن السماسرة يضيف أن “بشكل غير رسمي نعرف أن كل سمسار ينسق مع عشرات الأسماء للتقدم باسمها فتربح منها 4 أو 5 على الأقل، ثم يقوم ببيع قطع الأراضي التي فاز بها بمبالغ فلكية تحوله إلى مليونير في 3 أشهر، فالقطعة الواحدة تكلفه 100 الف جنيه ثم يبيع إيصال استلام الأرض بـ 400 ألف جنيه”.

ويضيف أن السماسرة وتجار الأراضي هم المسؤولون عن غلاء الأراضي بالمدن الجديدة وعجز الشباب عن التقدم لشرائها، مؤكدأً أن زيادة إقبالهم على شراء الأراضي ورواج سوقها كان سبباً في رفع الحكومة لأسعار القرعة سواء من النوع الإجتماعي أو المتميز.

3 حيل للسماسرة

وتتعدد حيل السماسرة للاستيلاء على قطع الأراضي والوحداتالسكنية، ثم بيعها بموجب توكيلات بأسعار خيالية، متحايلين على حظر البيع الذي تفرضه وزارة الإسكان.

ومن هذه الحيل:

– يقوم السماسرة باستغلال أقاربهم والعاملين لديهم للتقدم بأسمائهم للقرعة مقابل مبلغ يتراوح ما بين 30 و35 ألف جنيه.
– استغلال الشباب وإمدادهم بـ25 ألف جنيه مقدم الحجز مقابل توقيعهم شيكات على بياض، بالإضافة إلى توقيع توكيل إدارة للتعامل مع هيئة المجتمعات العمرانية، ثم أخذ الأرض منهم بعد الفوز بالقرعة، فيما يحصل الشاب على 5 – 10 آلاف جنيه ، وفي بعض الحالات يصل المبلغ لـ 30 او 35 ألف جنيه.
– الاتفاق مع بعض المتقدمين للقرعة، داخل استاد المقاولون العرب الذي تجرى به القرعة حيث ينتشر السماسرة بالاستاد ويعرضون على الفائزين مبالغ تتراوح ما بين 50 و100 ألف جنيه لكل وحدة سكنية ، فيما يتضاعف المبلغ المعروض مقابل التنازل عن قطع الأراضي.

سوق رائجة

قرعة أراضى الإسكان الاجتماعى شهدت زيادةً فى حالات بيع الاراضي إلى تجار السوق السوداء بنسبة تصل إلى 50%، بسعر يزيد على سعر الوزارة من 15 إلى 25%، حسبما أكد المهندسإيهاب جلال، رئيس مجلس إدارة شركة (E-homes) للتسويقالعقاري، لصحيفة “البورصة”، مؤكداً أن السماسرة يلعبون دوراً فى شراء الأراضى لصالح المستثمرين، والعديد منهم يدفعون أسعار تزيد على سعر الأرض الحقيقى بنحو 30% فى حالة تجميعهم لأكثر من قطعة مجاورة لتنفيذ أكبر عدد من الوحدات.

huffpostarabi