تحقيقات وتقارير

البناء على القبور.. عادات قديمة أم بدع جديدة؟ فتاوى وأحكام


وما إن تطأ قدماك أي مقبرة في العاصمة الخرطوم تجد ذات المفارقات التي تتشكل في بعض المنازل المشيدة بمواصفات عالية تجعلها تعيش قدراً من الزمن وبين الرواكيب الهزيلة التي ربما يسقطها أعصار الريح، وبعضها مثبتة بالأسمنت، فباتت مميزة علاوة على المسورة بالحديد.
توفيت الفنانة اللبنانية الشحرورة صباح، فشيدت لها غرفة احتوت على جميع المعينات من تلفزيون وشاشة بلازما وكراسي جلوس وسرير كبير، وهذا يرجع إلى ثقافتها الفرعونية القديمة، حيث كانوا يدفنون الميت بجميع مستلزماته من حلي وأغراض، كما أن المساحة لا تقل عن المترين، وهنا نماذج لأشخاص عاشوا كراماً ودفنوا كراماً، في هذا التقرير تناولت (اليوم التالي) جواز البناء على القبور.
لا ضرر ولا ضرار
تضاربت الأقوال والآراء والفتاوى ما بين جواز البناء على القبور أو تركها معلمة بشواهد فقط، كما تباينت الأحاديث ما بين الناس عموماً، فالبعض يرى أنها ترتبط بثقافة الدين والمكان والزمان وآخرون يرون أنها تفاخر وتباهٍ يقتصر على الطبقات البرجوازية. وفي السياق يقول بدر الدين أبو البراء – إمام ومحاضر: ليس هناك نص أو فتوى شرعية تبين عدم جواز البناء على القبور أو تسويرها بالحديد، إلا أن البعض وحسب اختلاف الرأي لا يمانع، فلا أرى فيها ضرراً ولا ضراراً على الميت إلا إذا أصبحت مزاراً وضريحاً يزوره المريدون بين الفينة والأخرى، فهنا يتغير الحكم. وأشار إلى أنه يجب رفعه بمثابة شبر حتى يميز أنه قبر.
أبيات من الشعر والآيات
أما بالنسبة للأستاذ هاشم محمد – باحث في العلوم الشرعية وأستاذ جامعي – وحسب رأيه الشخصي أنه لا يجوز، حيث يعد هذا أحد المفاسد الشرعية التي لا تجوز مطلقاً، حيث يقول إنها تنتشر في الديانات الأخرى، وبعض الجماعات التي تعتقد أن الميت يبعث ويزور أهله مرة أخرى ليلاً، لذا يشيدون عليه بناءً ثقيلاً على جثمانه الهزيل. أما البعض، فيرى أنها نوع من تكريم الميت، فينقشون عليه بعض أبيات الشعر والآيات الكريمة وتواريخ ميلاده ووفاته. ويشير إلى أن بعد تفيض الروح إلى بارئها لا ينفع الميت إلا عمله وابن صالح يدعو له فقط. ويمضي بالقول: بعض الثقافات الإسلامية والأديان الأخرى تشيد غرفاً مجهزة، يظنون أن هذا يؤنس الميت في وحشته، ولا شك أنها بدع ابتدعها ذوو القلوب الضعيفة، فهي حتما مخالفة للنظم الإسلامية والشرعية، كما يجب علينا إنكارها تماما.
يتخذونها أضرحة
وبالنسبة للمرتضى شاع الدين – موظف – أنه يلاحظ وبقدر زيارته للمقابر أن البعض يتخذ من قبر ذويه ضريحاً يبرك عليه يبكي ويشكو، ويسأل الله أن يخفف عنه ضنك الدنيا، فلا يعلم ما في القبور إلا الله ربما يكون هذا الميت هو أيضا يحتاج لك كي تدعو له، كما أن البعض يزور أضرحة بعض الشيوخ مثل حمد النيل الذي أصبح شغل شاغل للبعض، كما هو الحال بالنسبة لمريدي الشيخ دفع الله الذي أصبح مزاراً ثابتاً كل أربعاء وسبت، فهذا يندرج تحت مسمى الجهل ليس إلا.
أرزاق أحياء على قبور أموات
ومن زاوية أخرى وبعيدا عن فتوى الشيوخ وآراء المؤيدين والمعارضين، فإن هناك من يسترزق من ورائها، ففي كل مقابر يوجد ركن تكتب فيه الشواهد وتصب فيه ألواح الأسمنت، وتخزن فيه معدات بناء القباب. وفي الأثناء أفادنا مواطن – فضل حجب اسمه بأنه حارس وعامل بناء في تلك المقابر، ويضيف: البعض يستنكر البناء على القبور إلا أننا نراها مهنة نكتسب من ورائها أرزاقنا، فمن أراد أن نسور له قبر مرحوم نفعله، ومن أراد البناء كذلك نفعله. وكشف عن أن من يقوم بذلك هم أصحاب الأموال الطائلة يعجزون عن صرفها في الأماكن الصحيحة. أما في العادي فإن أغلب الناس يضعون شواهد أسمنتية مستطيلة أو حديدية على قبور أمواتهم كعلامة يعرفونهم بها.

الخرطوم – درية منير – اليوم التالي


تعليق واحد

  1. الراي للشرع
    (اسالوا اهل العلم إن كنتم لا تعلمون)

    لا ينفعهم الا عملهم
    اللهم ارحم أموات المسلمين جميعا
    وارحمنا إذا صرنا الى ما صاروا اليه

    (فهذا البذخ على بنيان القبور ما هو الا ضياع وصرف القروش فيما لا ينفع
    فالذي ينفع أن تدعوا له وتتصدق له وتعمل صدقة جارية له
    والله أعلم
    حجرم ،،،،،،