تحقيقات وتقارير

حظر النقاب بالجامعات.. اللوائح تكشف الحريات


في وقت يستنكر فيه الوسط الإسلامي والعربي بشكل خاص، مُنع النقاب بالعديد من الدول الأروبية، وظهور صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تنادي بالوقوف ضد الحجاب، وقد أحدثت جدلاً بين مكونات المجتمع السوداني، تفاجأت بحديث ركاب الحافلة في طريقي إلى مقر الصحيفة، يتحدثون عن حظر جامعة لبس النقاب، فيرى آخرون في نقاشهم أنه أصبح ستاراً لكثير من المآرب، ليرد بعضهم بأنه خيار شخصي ولا ينبغي فرضه، لتدور الكثير من الأسئلة في ذهني، فهل تمتلك المؤسسات الحق في وضع لوائحها بما يتناسب معها، إذا لم تخالف الشرع؟!! وإن لم تكن به دعوة للفجور؟ أم أن للجهات المعنية رأياً فيما تتخذه الجامعات من ضوابط، وعند اقتراب محطتي لم يسعفني الوقت لمعرفة تفاصيل أكثر.. الأمر الذي استدعاني لاستخدام حسي الصحفي ومعرفة الأماكن التي يتمحور حولها النقاش، لمعرفة مايدور بداخلها.

زيارة ميدانية:
توجهت في صباح اليوم التالي الى الجامعة المذكورة، وكانت على بعد أمتار من الإدارة العامة للمرور السريع بالخرطوم (شارع مدني)، وتقع شمالاً بالإتجاه الغربي، المبني بارز حيث النباتات الزهرية التي تزينه من الخارج، ولفت انتباهي (باركن) السيارات المنتظم، وفي الطريق قابلت مجموعة من الطلاب وسألتهم، عما يدور بداخل الجامعة (الوطنية) فكانت إجاباتهم متسقة تماماً مع لائحة الجامعة، حيث ذكروا أن النقاب فعلاً ممنوع داخل الحرم الجامعي، ونحن نؤيد الفكرة بحكم حفظ نظام الشكل العام داخل الجامعة، وقاطع أحدهم (أنا ضد هذه الفكرة، باعتبار أنه تجاوز للحرية الشخصية)، من المفترض أن تترك الجامعة الباب مفتوحاً لبعض الحريات الشخصية، وسبق وأن تقدمت بعض الفتيات المنقبات للجامعة بشكوى لكن الإدارة رفضت المشورة في هذا الأمر بإعتباره لائحة لا تقبل الجرح أو التعديل.
أما إحدى الطالبات الوافدات من الخارج وهي هندية الجنسية.. علقت أنها لا ترتدي الخمار أصلاً/ لكن قيد الجامعة اجبرها علي ذلك، وتلتزم بلبس الطرحة داخل حرم الجامعة لتخلعها بعد الخروج.

بمكتب المدير:
في غضون دقائق وجدت نفسي أمام مكتب مكتوب عليه اسم البروفيسور قرشي محمد علي وهو مدير الجامعة، كان الصف طويلاً، ولكن سرعان ما انفض الحاضرون، فأذن لي بالدخول، وتبدو عليه الهمة، فكان كما توقعت، فهو مشغول جداً ولا يطيل الحديث، فمكتبه مزدحم بأرفف الكتب، اندفعت في إطلاق اسئلتي بعد تبادل كلمات الثناء والسلام بيننا.. فقاطعني (لا يوجد لي مجال لسرد لوائح الجامعة وتفاصيها)، وأدار بكرسيه ثم نهض وجمع بضعة من الكتب وقال: إقرأئي هذه واستخلصي ما لديك من إجابات، هنا قاطعته بأن لدي عدد من الاسئلةٌ لا يمكن إجباتها إلا شفاهة، وبدأت بما أحضرني إليه، لماذا منعت الجامعة النقاب، خاصة وأن ذلك يتعارض مع الحقوق والحريات؟ فأجابني مسرعاً.. نعم الحجاب ممنوع داخل الجامعى، فمنطق البروفيسور قرشي يقول إن ذلك للأمن والأمان داخل الكلية، ولابد من ظهور كل الملامح لكاميرات المراقبة، وأضاف أن الأمر لا علاقة له بالدين والحريات، وإنما ضوابط وقوانين خاصة بالكلية وبذاك اللبس، وهو ملزم للطالبات أثناء الدراسة فقط، وعند مخرج الكلية توجد غرفة لتبديل الملابس وبامكانها وهي خارجة أن تعود الى نقابها، ولا يفوت عليك أن الكلية هي مؤسسة خاصة ولها الحرية في سياستها، وقد لايقبلها البعض وهم أحرار في التوجه الى جهات أخرى، فالكليات بالبلد على (قفا من يشيل)، وعارضنا الكثيرين في سياستنا ولكنهم اقتنعوا ، وأرجو أن تكوني قد اقتنعتي.. بأنها ليس إلا ضوابط داخلية خاصة بتحديد الزي الجامعي كما القوات النظامية، والجهات المختصة بوزارة التعليم العالي لم تعارض سياستنا أو ترفضها.

معيار خاطئ:
وأفادت الباحثة الاجتماعية ثريا ابراهيم أن اللبس عموماً حرية شخصية، لا يمكن التدخل فيها، والزي الموحد يقي الفتاة شر الكثير من الشبهات بحساب المجتمع، ويميز طلاب الجامعات، وقالت إن منع النقاب يحرم المنقبات اختيارهن ويسلبهن الحرية، وقد تخطئ الجامعة في وضع معيار مثل هذا، لكن مازالت حرية اختيار الكلية موجودة لدي المنقبات، فمن حق اي انسان أن يكون متديناً، وللكلية المعنية الحق في وضع اللوائح والقواعد التي تتناسب معها، أما فكرة المجتمع السوداني- والحديث يعود للباحثة الاجتماعية عن النقاب- لم تكن موجودة من قبل، وحتي أمهاتنا لهم حرية الاختيار ولكن توجد معقولية في اللبس عموماً، ومايزال مجتمعنا خالياً من الثقافة التي تحترم حرية الغير حتى وإن كانت خصوصية مؤسسة.

حق دستوري
لا يمكن لأية جامعة حتى وإن كانت خاصة أن تمنع النقاب بهذه العبارة المقتضبة، بدأ الناطق الرسمي باسم مفوضية حقوق الإنسان كمال الدين دندراوي مواصلاً: يفترض أن تتقيد جميع المنشآت الخاصة والعامة والحقوق التي نص عليها الدستوري السوداني، وبه يتمتع الإنسان بممارسة ثقافاته اياً كانت بشرط أن لا تتعارض مع الدستور المستمد من ثقافة الشعوب، وعليه فإن المنع فيه انتهاك للحقوق والدستور معاً.

شبهة النقاب:
وساند عضو مجمع الفقه الإسلامي الشيخ جلال الدين المراد حرية الاختيار وارجعها لرغبة الفتاة في الطريق الى العفاف، ولم يعب على المنقبة التي ترتدي الخمار والعكس، وبرر للجامعات منعها النقاب بحجة اختلاف ظروفها لوجود شبهات كثيرة في النقاب، خاصة بعد ارتباطه بأغراض ضلالية- حسب كثير من الشواهد، ومن حق الكلية وضع ماهو مناسب للوائحها الداخلية، ومسألة الحدود والضوابط من صميم عمل إدارتها واختلاف العلماء في النقاب ومنعه بالجامعات لا يضر الشريعه بشيء.

أصول وثوابت:
وتعهد الأمين العام لهيئة علماء السودان الدكتور ابراهيم الكاروري بالتحدث مع الجهة المانعة للنقاب، ومعرفة المبررات التي أصدرت على أساسه القرار، حال صحة الحديث.

أقوال العلماء:
وأوضح رئيس الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان الشيخ الأمين الحاج بانه بعدم أحقية الجامعات منع وحظر النقاب، وهذا أمر انزله الله عز وجل وفي سنة نبينا ولا يحق لها منعه، وسبق لنا هذا الحديث وواجهنا به بعض الطلاب، واقول إنه إمر دين وليس اختيارياً ولا يخل بالنظام، واستنكر القرار في وقت لا يستطيع الوالدان منع بناتهن من النقاب واجبارهن على خلعه، وأوصى الجامعة ومديرها الذي تربطنا معه صلات شخصية، وهو رجل طيب وينبغي أن ينصح في هذا الأمر ويتراجع عن قراره بل ينصح الطالبات به.

لوئح خاصة:
الكليات الخاصة لها لوائح تضبطها، أما الأكاديمات والبرامج لابد من إجازتها من الوزارة، هكذا قال الناطق الرسمي باسم وزارة التعليم العالي عز الدين بيلو، حيث لا يوجد قانون يمنع تطبيق اللوائح الداخلية للجامعات الخاصة، كالأكل داخل القاعات والنقاب مثلها، ولا يحق لنا التدخل وتوجيه الطلاب بارتدائه.

تحقيق :نفيسة الطيار
صحيفة آخر لحظة