تحقيقات وتقارير

إغلاق الحدود مع جوبا .. سيناريو متكرر


يبدو أن العلاقة بين الدولتين اللتين خرجتا من رحم أرض واحد، لم تعد على ما يرام رغم الاجتماعات الكثيرة التي جمعت بين مسؤولييهما، ولم يلح في أفق العلاقة اي بادرة لإصلاح حال العلاقة المتوترة بسبب الاتهامات المتبادلة بينهما فيما يتعلق بالملف الأمني للدولتين، وايواء دولة الجنوب للحركات المتمردة، ووصل التوتر ذروته عندما أعلنت الخرطوم عن معاملة الجنوبيين المقيمين داخل أراضيها كأجانب، والحقته بقرار آخر يقضي باغلاق الحدود.. الصورة تبدو أكثر قتامة عندما يصر الجانبان على مواقفهما المتشددة تجاه كليهما، لكن ثمة ضوء في آخر نفق هذه العلاقة، ربما يقود الى علاقات ممتازة في المستقبل، إذا ما أبدى الجانبان حسن النوايا، وجلسا على طاولة تفاوض جادة للخروج من عنق الزجاجة الحالي.

منع العبور:
ورغم أن القرار لم يطبق بعد، إلا أن حاكم مقاطعة الرنك في ولاية (أعالي النيل سابقا) ستيفن شان ألونق، قال في تصريحات سابقة: إن سلطات المقاطعة تلقت خطاباً رسمياً من والي ولاية النيل الأبيض يفيد بأن الحكومة أصدرت توجيهاً لوقف الحركة بين الحدود مع جنوب السودان، وتابع (حتى الناس الذين يزورون أقاربهم بالمستشفيات في السودان تم منعهم من عبور الحدود من قبل سلطات الحدود السودانية)، رغم أن حكومة الجنوب أوضحت في أكثر من مناسبة أن الحكومة السودانية لم تفدهم صراحة بقرار مكتوب بإغلاق الحدود ومعاملة رعاياها كاجانب، وهو ذات الحديث الذي ذكرته وزارة الداخلية في السودان بعدم تلقيهم اي قرار مكتوب ينص على معاملة الجنوبيين كأجانب، والتعامل معهم بناءً على المستندات.

ميزة تفضيلية:
الخطوة التي قامت بها الحكومة لم تكن محصنة عن نقد خبراء الاقتصاد، فقد دق الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي في حديثه لـ(آخر لحظه) ناقوس الخطر، وحذر من مغبة الاستمرار في تنفيذ قرار الغضبة، وأوضح أن إغلاق الحدود من حين لآخر له آثار سالبة من الناحية الاقتصادية على البلدين، فمن المعلوم أن للبلدين عمليات تبادل تجاري بحجم كبير على حدوديهما، فالسودان يُصدِّر الى الجنوب السلع الأساسية- والتي ساهمت في رفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة- إضافة الى اعتماد المناطق الحدودية للجنوب على سلع الشمال بصورة أساسية، وعلى كل ما يأتي من السودان، وبالمقابل أراح الجنوب نفسه عناء توفير السلع لمواطنيه من دول تعد بعيدة إذا تمت مقارنتها بالسودان، فضلاً عن أن الجنوبيين يعتبرون السلع القادمة من الخرطوم الأفضل والأجود، وبالتالي يظل الجنوب سوقاً مهماً للأسواق السودانية.. والسلع السودانية لها ميزة تفضيلية لدى المواطن الجنوبي.

فشل التجربة:
بيد أن الخبير الأمني حسن بيومي قلل من تأثيرات القرار من نواحيه الأمنية، واعتبر قرار إغلاق الحدود مع دولة الجنوب لا يعدو أن يكون تخويفاً أكثر منه حقيقة، وأبدى بيومي دهشته- خلال حديثه للصحيفه- من تصريحات مدير إدارة الجوازات والهجرة بوزارة الداخلية بعدم إخطار وزارته بقرار مكتوب ينص على معاملة الجنوبيين كأجانب، فيما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية راشد التجاني أن قرار إغلاق الحدود كورقة ضغط مع الجنوب اثبتت فشلها، فسبق أن تم إغلاق الحدود قبل أن يعاد فتحها مجدداً.. وأضاف من الأفضل دراسة القرار بصورة علمية حتى لا يتم تكرار الخطأ، والأجدى أن يتم استخدام أساليب أخرى أكثر فاعلية دون إغلاق الحدود التي سيتضرر منها السودان بالطبع، وأشار راشد لوجود بدائل أخرى أكثر فاعلية، مثل معاملة مواطني الجنوب كأجانب، والضغط عبر الوسائل الدبلوماسية، وغيرها في حال تأكد للحكومة استمرار جوبا في دعم واحتضان الحركات الحاملة للسلاح ضده.

قمة مرتقبة:
وكشف وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة الجنوب (مايكل مكوي) عن ترتيبات لوصول وفد رفيع المستوى خلال الأيام القليلة القادمة من دولة الجنوب للترتيب لعقد قمة تجمع الرئيس البشير ونظيره الجنوبي سلفاكير ميارديت، لبحث تطورات الأوضاع بين الدولتين، والاتهامات المتبادلة بدعم كل طرف لمعارضة الطرف الآخر.. بجانب قرار الحكومة السودانية الذي يقضي بمعاملة المواطنين الجنوبيين بالسودان كأجانب، وسيظل الجدال مستمراً مابين الخرطوم وجوبا ما لم تكف جوبا عن دعمها للحركات المسلحة، وطردها من أراضيها.

تقرير: عمر دمباي
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد

  1. للغباء وجوه كبيرة …..لقد كان الشعب السودانى أذكى الشعوب قبل مشاكل الاسلامين وبعدها اصبح مدرسة كبيرة لمرور كل الاجندات حتى الفردية ……الان كل المواد الغذائية والتمونية والبترولية تمر وتنساب بسهولة عند اغلاق الحدود كيف ولمصلحة من ؟ الشعب السودانى الفضل أعلم …….البرلمان يقرر قفل الحدود ومجلس الوزراء يؤكد قفل الحدود والبشير ما قال اى تصريح ولا تعليق والمتحدث الرسمى بالداخلية قال ما جانا اى خطاب رسمى بغلق الحدود او بالغاء قرار الرئيس بتعامل الجنوبين كمواطنين …. ارحمو نفسكم ياشعب كاد ان يتلاشى بقراراته المرنعشة المذلة وما بفضيحة الشهادة السودانية ببعيدة من التعامل المتقزم مع المصريين والاردنين …..أصحو يا شعب كان محترم وادركو مكانتكم قبل ان تكونو كشعوبا دابت فى الحضيض