أبشر الماحي الصائم

قضية البسكويت.. تورط صحفي


* عندما نهضت الحملة القومية الصحفية الهائلة ضد (البسكويت الفاسدة ).. لم يكن يومئذ بمقدورنا التخلف عن تلكم الحملة الوطنية، فصاحب هذا المقال شخصياً شارك بعدد مقدر من (الملاذات غير الآمنة) في الحملة، فكلما استقبلنا جمهور القراء ببعض التصفيق.. كلما ذهبنا في تحرير المزيد من المقالات ضد تجار البسكويت !!
* وفي المقابل ظل أحد الزملاء وحيدا كالسيف في الخندق الآخر، فلم يذهب في ركاب تلكم الحملة الباهظة لدرجة الريبة والظنون، إن كانت له صلات مشبوهة (بأسواق البسكويت) !!.. وظل الناس في الطرقات وعلي قارعة أرصفة المدينة يتساءلون.. متى ينضم هذا الكاتب الكبير ذو التأثير الهائل إلى الحملة الوطنية ضد (البسكويت الفاسد) الذي أصبح مقياسا لفساد وصلاح الصحفيين أنفسهم !!
* ظللت وثلة من الكتاب الحريصين على سمعة هذا الكاتب، نتردد عليه لإقناعه بالانضمام إلى الحملة، لأن وصمة التخلف يفتأ يرفعها البعض إلى جريرة الخيانة العظمى!!
* فتحجج لنا بأن البسكويت ليس وحده الفاسد في الأسواق، فإما أن نضيف مجموعة من السلع إلى الحملة أو أن ننصرف عن الحملة برمتها!! قلنا له ان الرأي العام لم يطالبنا بأكثر من قضية البسكويت في هذه اللحظة التأريخية الحرجة، حتى أن بعض شيوخ الصحفيين شرعنوا لهذا الموقف، بألا نسأل عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم.. على أننا الآن أمام سلعة البسكويت، كما لا يجب أن نفتح مجموعة جبهات في وقت واحد، حتى إذا ما انتصرنا في حرب (البسكويت الفاسد) بإمكاننا فتح جبهات سلع أخرى!!
* لكن صديقنا لم يتحرك من موقفه قيد أنملة ومضى للقول إن صنوف الحلويات وحدها يحتمل أكثر من صنف غارق في عيوب التصنيع والتسويق والفساد، فلماذا البسكويت وحدها !! بحيث يبدو الأمر في نظره كما لو أن هناك (مؤامرة ضد البسكويت)!!
* غير أن الجماهير التي كانت تنزل إلى المكتبات يوميا، لم يكن في خلدها إلا متابعة (الحملة القومية لمناهضة البسكويت الفاسد).. كما أنها ظلت تتوقع انضمام صاحبنا في أي لحظة للحملة وهذا ما لم يحدث، فتجد حديث الناس على أرصفة المدينة والمقاهي وقارعة الأسواق ووسائل المواصلات بأسف بالغ عن هذا الكاتب المتخاذل والمشكوك في وطنيته !! على أن قضية البسكويت التي في طريقها إلى منصة البرلمان، ستكون ﻻ محالة علامة فارقة في المسيرة الوطنية، ستكون بمثابة مقياس يتمايز في متونه الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر الحقيقة، فعلى الطريقة الأمريكية في محاربة الإرهاب ظلت تتعامل الجماهير، فمن لم يكن معنا في خندق البسكويت فهو ضدنا !!
* وأشارت بعض التسريبات في ذلك الصباح، إلى أن اتحاد العمال قد ذهب في اجتماع مفتوح إلى كل الحلول الصعبة، التي ربما تصل حد المطالبة بوقف الصحف التي لم تلتحق بالحملة الوطنية ضد البسكويت الفاسد، ووقف كل مصانع البسكويت المحلية في كل أنحاء الجمهورية، مع عدم استقدامها من الخارج !! في ذات الوقت كان مجلس الوزراء الموقر يضع قضية البسكويت على جدول أعماله، بالتزامن مع ذهاب بعض نواب (حزب الوطنيين الأحرار) في البرلمان إلى استدعاء السيد وزير التجارة للقضية ذاتها !!
* وكانت الجماهير في المساء تتسور أجهزة الراديو للاستماع لإذاعة البي بي سي التي ظلت تتابع ملف البسكويت السوداني الفاسد، عندما ذهب تقرير تلك الأمسية إلى أن مصير الحكومة أضحى رهين (قضية البسكويت)، على أن هناك بوادر انتفاضة تعتمل مسوغاتها في وجدان الجماهير، التي إن قدر لها أن تخرج إلى الطرقات ستدمر في طريقها لا محالة كل مصانع البسكويت وستزلزل الأرض تحت أقدام الحكومة.. نتابع ونفيد.