تحقيقات وتقارير

الأدوية منتهية الصلاحية .. عندما يتحول الدواء إلى داء


منذ أكثر من شهر دلفت بمعية صديقتي إلى إحدى الصيدليات التي تقع بالقرب من إحدى مستشفيات الخرطوم الحكومية، لنأخذ دواء “مضاد حيوي “ لإبنها الصغير، وبكل ثقة أخذنا الدواء دون النظر إلى مدة صلاحيته، بإعتبار أن الصيدلية مكان ثقة وليس هناك حاجة للتشكيك في صلاحية الأدوية، ولكن المفاجأة التي ألجمتنا وكانت بمثابة الصدمة لنا حينما وجدنا أن المضاد الحيوي قد إنتهت فترة صلاحيته، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، ولكن الصيدلانية رفضت استلام الدواء بعد أن عدنا إليها في اليوم التالي لإعادته، وقالت هذا ليس من مسؤوليتها، وتساءلت بمنتهى الجرأة لماذا لم يتم التأكد من الصلاحية من داخل الصيدلية قبل مغادرتها، غادرنا الصيدلية وقد امتلأنا بالدهشة والامتعاض.

* تكرر المخالفات
و في العام الماضي تمكن تيم مشترك من مباحث ولاية سنار ونيابة حماية المستهلك وإدارة الصيدلة والسموم من القبض على مساعد صيدلي بحوزته كمية من الأدوية منتهية الصلاحية، وهذه الكميات كانت داخل صيدلية تابعة للتأمين الصحي بإحدى المراكز بمدينة سنجة، وربما لتكرر مثل هذه المخالفات قام المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بالتقصي في الأمر، والكشف عن أدوية منتهية الصلاحية تباع في داخل بعض الصيدليات والمستشفيات بالعاصمة.

* تشديد العقوبات
وبدوره طالب الأمين العام لجمعية حماية المستهلك د. ياسر ميرغني مجلس تشريعي ولاية الخرطوم بمضاعفة جهوده الرقابية وتشديد العقوبات على المتلاعبين بصحة المواطنين من خلال الأدوية المنتهية الصلاحية أو الفاسدة، وذلك من باب (إن من أمن العقوبة أساء الأدب)، وقال ياسر قانون الأدوية والسموم الذي ينص على أن من يبيع دواءً فاسداً أو منتهي الصلاحية يعاقب بالسجن لمدة لاتقل عن 10 سنوات، واختتم حديثه بسؤاله “ أين نحن من تطبيق القوانين “ .
ولكن إدارة الرقابة بوزارة الصحة رفضت الإدلاء بأي تصريح بهذا الخصوص، معللين ذلك بأن هناك توجيهات مشددة من وزير الصحة بالخرطوم مأمون حميدة بعدم التعليق على أي موضوع إلا من خلال الناطق الرسمي بالوزارة .

*مخالفات فردية
وبالمقابل استبعد الخبير الصيدلاني زهير حسن أيوب أن تخاطر شركات الأدوية الكبيرة والمعروفة باسمها وسمعتها مقابل ثمن بخس أو دراهم معدودة ، مضيفاً أن تسجيل الدواء الواحد يستغرق وقتا طويلاً، و قال زهير لـ”آخر لحظة “ إن مثل هذه الأفعال تأتي دائما من أفراد سماهم بضعاف النفوس، حيث إنهم يقومون بتوزيع الأدوية في المناطق الطرفية التي غالباً ما يكون أهلها على قدر ضعيف من الوعي، معلللا انتشار هذه الظاهرة بالظروف الإقتصادية السيئة، وأضاف أن كثير من هذه الأدوية غالباً ما تكون مصنعة محلياً أو مهربة عبر الحدود، كاشفاً عن أنه كثيراً ما تأتيه مثل هذه العروض من أشخاص ليس لديهم أي علاقة بالمجال الدوائي، وقال مبديا إستياءه: المجلس الأعلى للصيدلة والسموم لا يقوم بدوره بصورة كاملة، وأنه يوجه جل جهوده لمجال الإستيراد فقط، مع إهمال الدور الرقابي الذي يحتاج إلي (ناس متفرغين) بحسب قوله، والتعاون مع الجهات الأمنية بهذا الخصوص، والعمل بصورة مشددة على الحدود، و اختتم حديثة بضرورة أن تتعاون الجهات ذات الصلة للحفاظ على صحة المواطن .
ومعلوم أن الأدوية ليست كبقية السلع الأخرى، وأن التلاعب بها قطعاً سيفتك بصحة الإنسان إن لم يقد لوفاته. وضبط الأدوية منتهية الصلاحية يتطلب مراقبه لصيقه من الجهات المعنية، وعقوبات رادعة على المتلاعبين بالدواء من أصحاب النفوس الضعيفة

تقرير:أسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة