احلام مستغانمي

زهار المروج عمر الفراشات


وأنا أتنزه في المروج المجاورة لبيتي الجبلي، في نهاية فبراير، فاجأني خبر عاجل ” عاد الربيع قبل أوانه هذا العام “. لم يكن خبراً بالأحمر ينتفض له القلب كعادة الأخبار العربية ، بل خبراً بالأبيض ، كتبته أزهار المارغريت ، وتناقلته النباتات الصغيرة كلٌّ بلونها. العصافير بدت في فالس ذهابها وإيابها مبتهجة بالخبر وكأنها أخذت للتوّ علماً بذلك .في كلّ الأشجار المورقة التي مررت بها كانت تسبقني زقزقاتها . لم أدقق في ما تقوله ، لعلمي أنها على اختلاف أصواتها وصيحاتها ، لا تغرد الطيور كما يفعل البشر على التويتر لتبادل الشتائم، أو لتناقل أخبار الفضائح و المصائب ، لقد خلقها الله لتملأ الكون زقزقة وغناء.
وهي تحلّق مبتهجة غالبا ما تكون منهمكة في إعداد أعشاشها ، بينما ما كاد الإنسان يحلّق حتى راودته فكرة الاستفادة من وجوده في السماء ، ليقصف مدنا آمنة ، ويحرق و يدمّر كل من هُم تحته دون أن يدقق في تفاصيلهم الإنسانية . لذا دُمرت بيوت البشر بينما نجت أعشاش الطيور المعلّقة على الشجر.
تحسد هذه الكائنات الجميلة ، التي وطنها السماء ، وكل الأشجار بيوتها . لا أحد يقوم بتهجيرها ، أو يدقق في طائفتها أو هويتها وهي تتنقل بين الأشجار والغابات ، ولا مؤسسة إنسانية تمنّ عليها بالغذاء أو المساعدات ، فما من طائر إلاّ وقوته على الله .

( يتبع )

(فبراير 2015 )