مقالات متنوعة

محجوب عروة : الاسلامية والحلول


أردت أن أخلص في مقالي بالأمس بعنوان (كفى بالموت واعظا) إلى أنه يتعين على منتسبي الحركة الاسلامية خاصة قياداتها التي وصلت إلى ما وصلت اليه من سلطة ونفوذ وجاه بعد أن آلت اليهم السلطة، يتعين عليهم أن يدركوا أن الأوفق لهم أن يلتزموا بالمبادئ التي قاموا عليها منذ أن كانوا ضعافا كاد يتخطفهم الآخرون، بل كانوا في كنف بعضهم يوما حتى أطلق نسب إليهم أنه كانوا ترلة حزب الأمة!! لقد كانت الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ في قمة أدائها المتميز وكسبت مساحات واسعة في الساحة والحياة السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية والثقافية السودانية لدرجة تنبأ لها المراقبون بأنها ستكتسح الانتخابات الحرة عام ۰۹۹۱ بعد أن أصبحت ثالث حزب في السودان بانتخابات ٦۸۹۱ ولكنها بعد أدائها السالب في حقبة الإنقاذ ضربت في صدقيتها وأدائها خاصة وأن ثمة تدهور كبير أصاب البلاد في كافة أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل الأخلاقية بشكل لم يسبق له مثيل.. لقد وثق العسكريون الذين قادوا انقلاب الثلاثين من يونيو ۹۸۹۱ في قيادات الحركة الإسلامية ومكنوها من إدارة الدولة منذ صباح اليوم الأول للانقلاب ولكن للأسف صارت تلك القيادات مراكز قوى وسوبر تنظيم وظنوا خطأ أنهم يملكون الحقيقة وحدهم ويفهمون إدارة الدولة وحدهم وأنهم رسل العناية الإلهية وحدهم فحدث التدهور والانتكاس والفشل تلو الفشل والانشقاق تلو الانشقاق حتى وصلت البلاد الى ما وصلت اليه لدرجة ذهاب أجزاء عزيزة منها لأول مرة وصارت تحمينا قوات دولية في أجزاء من بلادنا لأول في تاريخ سيادتنا ولم تتوقف الحرب الأهلية وأصبحنا سلة مبادرات العالم وموضع أجندته الخفية.. لقد أثبتت هذه القيادات للأسف أنهم لا يتفوقون على الآخرين خلقا ولا علما ولا كفاءة في إدارة الدولة ولذلك لابد اليوم وقد اختفت قيادات كثيرة من السلطة المباشرة وغير المباشرة أن يحدث التغيير والتطور الجذري في السلطة التي أقامتها الحركة الاسلامية وأوله أن تتحول قيادة الدولة التي جاءت بها الإنقاذ الى قيادة قومية مستقلة عن الجميع تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية بما فيها الحركة الإسلامية السودانية بمختلف مسمياتها وكياناتها التي تشظت بسبب الخلافات الشخصية أو طرائق التفكير والأولويات.. إذا حدث ذلك فمن المؤكد سيساعد قيادة الدولة على إعادة الوضعية السياسية الى طبيعتها، بل تحسينها على المستوى الداخلي والخارجي.. سيشعر كل المواطنين بأن قيادة دولتهم أصبحت لهم جميعا وسيلتفون حولها بقوة ولن يسمحوا بأن تمس منها شعرة كان من محكمة جنائية أو غيرها، ومن المؤكد ستتحسن علاقات السودان مع المجتمع الدولي خاصة أمريكا وسنتجاوز المقاطعة الاقتصادية وسينعكس ذلك على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين خاصة وأن الحكومة بدأت مؤخرا بعد عاصفة الحزم ورعد الشمال تقف في الموقف الصحيح عربيا.. يتعين على الحركة الإسلامية أن تضحي بعد تجربتها وأن تتخذ استراتيجية جديدة وأن تركز أولا على توحيد الوطن قبل أن تفكر في توحيد أجنحتها وأن تساهم في تثبيت السلام والاستقرار والحكم الرشيد والديمقراطية المستدامة وأن تنفتح على الآخرين جميعا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وأن تعمل على إنجاح الحوار الجاري وإبعاد الوطن عن الاحتقان السياسي وآثاره الخطيرة وأن تقدم أنموذجا يشابه الأنموذج الإسلامي التونسي والتركي وليس الأنموذج الإسلامي المصري بالظن الخاطئ أنها من القوة بمكان لدرجة محاولة احتكار السلطة كما فعل الإخوان المسلمين في مصر ففقدوا كثيرا وصاروا يلتمسون التصالح مع الآخرين بعد فقدانهم السلطة وصاروا متفرقين بين السجون والمعتقلات والمهاجر والأسوأ مات بسبب تطرفهم كثيرون