مقالات متنوعة

محمد لطيف : أحمد منصور كاذب.. حتى يُثبِت ادعاءه


يومها قلت لمحدثي الإسلامي.. وهم يتهافتون على الدعوة لتوحيد الإسلاميين.. عقب رحيل الشيخ الدكتور الترابي.. إن هذه أكبر إساءة يمكن أن توجه للشيخ لأن الأمر يبدو الآن وكأن الرجل كان هو العقبة الكأداء أمام توحدكم.. قال لي بالنص.. هذا تفكير شيطاني.. أما بالنسبة لنا فالأمر عبرة واعتبار.. قلت له رحل عنكم كثيرون وفي ظروف أعقد فلماذا لم تعتبروا وتتوحدوا..! ويبدو أن قدر هذا الرجل أنه سيظل محل سهام المريدين والمبغضين.. على حد سواء.. حتى بعد رحيله.. في تقديري أن كل من قبل برواية السيد أحمد منصور مقدم برنامج شاهد على العصر بفضائية الجزيرة.. إن صح ما نسب إليه.. عن وصية للشيخ الترابي ببث حلقات برنامجه بعد وفاته.. قد أساء للشيخ الراحل.. حين صدق عنه ما ليس فيه.. فالذي يوصي بهكذا وصية إنما يعني أنه قال قولا ثم تحسب لتبعاته.. أو قال بقول غير مسبوق وقد آثر السلامة لنفسه على أن يسهر الخلق من بعده ويشتجروا..! فهل كانت هذه من خصال الشيخ..؟ بل هل ترك الشيخ.. أصلا.. شيئا لم يقله..؟ وهل غادر الشيخ أمرا لم يخض فيه..؟! يختلف الناس حول آراء الترابي الفقهية.. ومواقفه السياسية.. ولكنهم لم ولن يختلفوا حول جرأته وشجاعته.. والأهم من هذا وذاك تخلصه مبكرا من الحرج الاجتماعي الذي يلجم ألسنة الكثيرين.. إلا هو..!
بدأ الترابي سلسلة اعترافاته الخطيرة.. ونشرها على الملأ.. بدءا من التدبير للانقلاب العسكري.. والإشراف على تنفيذه.. ومرورا بمحاولات عزله.. وانتهاءً بأدق تفاصيل المفاصلة.. لم يخف شيئا.. ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وقف عندها.. معملا مشرطه الحاد.. حتى أدمى الكثيرين.. دون أن يطرف له جفن.. فهل كان قد بقي له شيء يوصي به لأحمد منصور..؟ أشك في ذلك.. حتى وإن افترضنا صحة هذا الادعاء.. فالشيخ الرجل القانوني الضليع ما كان ليفوت عليه.. إن ترك هكذا وصية.. أنها تحتاج لما يعززها.. فهل فعل..؟ الإجابة بالطبع عند منصور صاحب الادعاء.. إما أن يبرز صكا ممهورا من الشيخ.. يؤكد ادعاءه هذا.. أو تسجيلا صوتيا.. مثلا.. يفتتح به الشيخ حلقاته يقول فيه.. على طريقته المعهودة والابتسامة تملأ وجهه.. إن رأيتم هذه الحلقات فاعلموا أنني قد رحلت عن دنياكم.. إما أن يأتينا منصور بشاهدين عدلين يثبتان أن الشيخ قد طلب بالفعل إرجاء بث شهادته على العصر إلى ما بعد وفاته.. وفي المقابل فأنا أدعي أنني أستطيع أن أوفر شاهدا عدلا واحدا على الأقل يؤكد أن الشيخ كان قد طلب إلى الجزيرة أن تبث حلقاته ولكنها تباطأت..!
والحال كذلك.. فنحن أمام أحد احتمالين.. إما أن منصور أو الجزيرة وقعت في حرج يخصها هي.. في أن تبث بعض ما قال الشيخ.. كالتعرض للذات الأميرية.. مثلا.. كما أن الجرأة لم تتوفر حينها لإجراء جرح وتعديل في حديث الشيخ.. وهو ما لم يكن ليسمح به.. فلجأت الجزيرة أو منصور.. لخيار المثل الشهير بالرهان على (موت الأمير أو الشيخ أو الحمار).. لإجراء الحذف المطلوب.. فإن حدث هذا فهو أمر جد خطير.. يستدعي وقفة.. أما الاحتمال الثاني فهو أن الحديث يومها لم يكن ذا قيمة كبيرة.. وفجأة برحيل الشيخ أصبح كنزا.. فقرر صاحب البرنامج أو الفضائية رفع درجة الإثارة والتشويق لرفع درجة المشاهدة.. وهذا أيضا مما يستدعي وقفة.. فنسبة وصية لميت ليست بالأمر السهل.. فما بالك إن كان هذا الميت رجلا عاش حياته طولا وعرضا.. وقال كل ما يريد ولم يكن وجلا ولا هيابا..!