احلام مستغانمي

لأزهار المروج عمر الفراشات (2)


تستوقفني أشجار اللوز في ثوب عرسها ، لقد أزهرت بياضاً كعادتها قبل غيرها ، ستلحق بها قريبا أشجار البرتقال و الجوز و أشجار التين ، وسأذهب حينها لنزهتي حاملة سلة صغيرة لجمع التين الطازج الذي يتقاطر الحليب من حباته حين قطافه .ككل مرّة تحضرني تلك الآية الكريمة “والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين “. ربيعاً بعد آخر أزداد تعمقاً في معانيها .
على طول طريق الربيع العائد بي إلى البيت ، رحت أجمع أول باقة أزهار أهدتني إياها الطبيعة ، الخالعة لتوها معطفها الأبيض للثلج، أتسلق الهضاب حيناً لقطف زهور السيكلامان التي أحفظ اسمها مذ رافقت طفولتي في تونس ، و أتحاشى تارة أن أدوس بهجة أزهار المارغريت الفتية ، أثناء سيري على سجادتها البيضاء والصفراء .
أضفت لباقتي أغصانا من الزعتر البري في تفتحه الأول، وقد زينت أغصانه أزهاراً بنفسجية صغيرة شبيهة بزهرة اللافاندر. ما كانت تنقص باقتي سوى شقائق النعمان تلك الزهرة الحمراء التي تتناثر في الحقول وتموت حال قطافها . لكني كنت سعيدة ، أمسك بباقة أزهاري الصغيرة فرحة كما بغنيمة . .
أحب تواضع هذا النوار الربيعي ، له ولاء للتراب .إنه يفضّل مرجه على أفخم المزهريات . لن يعيش أكثر من ساعات قليلة بعيدا عن تربته الأم . لذا أحتفي به أكثر من أغلى الورود ،وأزيّن به ركني الجزائري في البيت . . سبحانك اللّهم كم من الجمال أهديتنا .
( يتبع )