مقالات متنوعة

عبد المنعم مختار : بالأمل صبرت قلبي


الأمل هو الإستعداد للحياة بشكل جديد .. وهو أن تضئ نور قلبك عندما تقطع الكهرباء.. وأن تشرب من موية الصبر .. عندما تتمرد المواسير على ضخ المياه.
وهو أن تذهب إلى السوق مهموماً محسوراً وتتفرج على اللحوم البيضاء والحمراء.. وتعود إلى المنزل لتقنع أطفالك أن شوربة العدس أفضل مليون مرة للجسم .. وتبدأ في إلتهامها وخشمك (ملح ملح).الأمل أنت تحلم في هذا الهجير الحارق بزخات المطر وحبات الندى .. وأن الفاصل المداري يتوقف حيث تتوقف الأمنيات.
لاغرو أن يتمدد الأمل .. ويتسع مداه كلما ضاقت واستحكمت حلقات القسوة فلولاه لصادرنا إبتساماتنا .. وأفراحنا المرصودة بين قوسين .. وأغلقنا كل منافذ السعادة ..
لست أدري ماذا يفصل بين الصبر والأمنيات ولكن على قناعة كاملة بأن التجاسر على الأزمات أصبح لعبة نتقنها بحرفية.
حتى الأخبار التي تصدرها لنا الشاشات الفضية .. تثير حفيظتنا .. ونحن نتناول في المائدة المستديرة حبات الفول غير المكسور كفافاً.
تيقنت تماماً أن كمية الألم التي نحسها أقل بكثير من تناول الخبز الجاف على بطن خاوية تماماً .
حتى سياستنا المحلية لم تبارح الأمل لحظة وهي تدور مع طواحين الهواء للتأكيد بأننا أكثر (غباوة) من (دونكيشوت) الحوار الوطني المفتوح على الفراغ العريض الحريات المضغوطة جهراً وعلناً .. وحبسها قهراً حتى لا تتعارض مع الفوضى كما يزعمون.
دعونا نرسم تفاصيل دقيقة لفجيعة يومية نكتبها في دفتر مذكراتنا .. ويفشها لحظة لحظة .. إيماناً منا بنظرية المعاناة التي تولد الاستمرارية في الحياة .. وسيبك من الإبداع الذي أصبح مجرد ترف برجوازي ندفع عليه رسوم .. ونخلصه من الجمارك بدم القلوب.
كنت أتمنى أن يفيد صياغة الأمل من جديد على ضوء المستجدات الآنية وهي تطالب بوجوده كلاعب إرتكاز ورأس حربة خطير .. مع أن مباريات الحياة صارت محسومة لصالح الهزيمة بشرف.
بدأنا نكتشف أن قدرتنا على الصمود أكبر بكثير من تصوراتنا .. وأعمق بكثير من محدودية تفكيرنا.
سالت الزوجة زوجها .. ماذا نفعل اليوم في العشاء.. فقال لها وعيونه تحاول أن تهرب بعيداً.. أغلي ماءاً في النار فإنتظاراتنا المهدودة أقل من درجة 37 درجة فهرناهيت .. فالماء لا يضير حرقها .. وربما تكون صالحة للتعقيم في الصباح لجراحات وشيكة.
لوكنت مسئولاً عن الدلالات لمنحت الأمل أوسكار التميز من الدرجة الأولى وهو يمنحنا براح كافي للإستمرارية والتواصل بدواعي قرائن الأحوال وتغير الإحتمال.
الأمل في ظل التصاعد الخانق .. ربما يموت من كثرة الإشتعال .. ومن جراء الإستهلاك الحارق .