حسين خوجلي

عزيزي القارئ.. لا تسلني..!!


< كان زميلنا يكتب له والده في الثانويات خطابات راتبة ومتوالية بلغة رصينة وعبر فكرة.. وكان يبتدرها بالعبارة الآتية: ابني وأخى في الله وكنا نسميه جيل الاقتداء < وكان هنالك جيل يودع الأب زوجته وهو يسارع لحماية الثغور.. وبعد ساعة يودعها ابنها لحماية ثغر آخر في صقع آخر وكنا نسميه جيل الفداء. < أحد زملائنا حين يدخل من ضجيج الحفل يكون والده قد استعد لصلاة الفجر (بشويش) يسقط المزلاج ليفتح الباب الكبير فيظنه الأب الطيب خارجاً لأمر جلل، فيبادره قائلاً: (ماشي وين يا ابني) (فيخرج) زميلنا الداخل في تمثيلية متقنة (ماشي أجيب صاحبي من المطار) ويقضي وقته هائماً على وجهه حتى طلوع الفجر.. وكنا نسميه جيل الخوف والاحترام.. < وقد حدثني أحد الإخوة أن ابنه طالب السنة الأولى بالجامعة جاء مع مطلع الفجر في برد قارس وكان مسافراً ومساهراً مع شلته.. قرع الباب فخاطبه الأب بلهجة صارمة: (تمشي تبيت محل ما كنت مساهر).. فيأتيه صوت ابنه المتضجر كالقذيفة: (بالله يا بابا افتح بلا عوارة معاك).. ولا يعرف الأب هل يبكى أم يضحك أم يزاوج ما بين البكاء والضحك، ولكنه أدرك أن آباء هذا الزمان يحتاجون لمعادلة.. وفي الحقيقة أن كل السودانيين أصبحوا في حاجة ملحة لإنشاء منابر كثيفة ويومية لترصف الهوة القائمة ما بين الأجيال.. فكرياً وتربوياً واهتمامات وذوق ومزاج. بل أن هذا الحوار بالغ الأهمية لكل المؤسسات بما فيها الأحزاب والتكوينات الفكرية والمعرفية.. إلى زمان ليس بالبعيد كان كل حدث وطني أو اقليمي أو عالمي يمر ببلادنا بتأثير قريب أو بعيد، إلا وتجد له صدى وسط أحزابنا.. حيث تملأ المناشير الساحة أفكاراً وعبارات وتفسيرات شاركت بفعالية في تثقيف تلك الأجيال، ولا يمر يوم ونحن في زمان الطلب منذ المدارس الوسطى، إلا ونحن نستعرض آراء الأمة والاتحاديين والأخوان والشيوعيين والقوميين في كل حدث وحديث.. منشورات من شتى الألوان والمذاهب، بعضها يضج باللغة وبعضها يضج بالتعتيم وبعضها يمتلئ بالمنطق والتفسير، وبعضها يكتب كل شئ ولا يقول شيئاً. أما هذه الأيام فقد أظلتنا أزمنة المشافهة وأيام اللا توثيق.. وكل أمة لا توثق لما يدور من فعل أو ما يدور من قول يؤثر على أرضها وجماهيرها، ستجد نفسها في آخر الأمر لقمة سائغة للاستبداد أو لخسران المنهج الذي يكسب العشوائية والتخبط ومن ثم الانحطاط. بالله عليكم منذ متي قرأتم منشوراً رصيناً لحزب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وزع بكثافة وكتب بعمق؟ هل زهد الناس في الكتابة أم زهدوا في القراءة أم زهدوا في التوثيق وأصبحوا أسارى للتزويق.. الجميع لا يكتبون لا أحزاب الحكومة ولا أحزاب المعارضة، فقد أجمعوا على سقوط دولة الرونيو الحبيبة .. كل ما أخشاه هذه الأيام أن يدق المستعمر بابنا بيد من حديد ذات ليلة قارصة أو ذات نهار قائظ، فتكون الإجابة من هذا الجيل في غاية الصراحة وغاية اللا مبالاة: (يا بابا افتح لليانكي بلا عوارة معاك)!!! < عزيزي مدير جامعة الخرطوم.. لعل من نافلة القول أن نذكرك بأن البشر يصقلون بالعمل والكلام.. هذا احتجاج العمل بعد أن تزايدت تظاهرات الكلام.. < أين شيوخ الحركة الإسلامية الذين اختطوا طريق أكتوبر وجبهة الميثاق.. والجبهة الإسلامية.. أين قوة العقل واتزانه وتجريبه؟!.. عليكم أن تعلموا أن قوة العقل هى مران مستمر وليست راحة ساعة!! < كان الراحل الأديب عمر الحاج موسى يضع في مدخل مكتبته العامرة عبارة: (عندنا نجمع الكتب.. فإننا نجمع السعادة) < كل التصورات والبرامج والقيادات اكتملت للحزب الجديد.. بيد أن الدعم الخارجي تأخر قليلاً، وهل هنالك حزب سوف ينمو بدون سياسة خارجية وسيولة أجنبية. < شريك سوداني غاضب قال في غضب لشركائه العرب الأشقاء أهل الظرف.. والله إنتو يا الـ (………..) تاكلوا (مال النبي) فصاحوا مبتسمين (ومالو مش حبيبنا). < سيَّارات جياد تنساب في شوارع الخرطوم كالغزلان وأسراب الحسان (صوت وصورة) وقوة واحتمال وقيافة وهتاف رصين (إن السودانيين هنا). أوقف السلام كل أنواع الحيوانات الحديدية التي تطير والتي تزحف والتي تمشي على بطنها.. وصار الإنتاج فقط للتي تمشي على أربعة وعلى اثنين.. صفقوا معى للسيارات (والمواتر) والسكة حديد (أختى التي لا تلتفت للوراء)..


تعليق واحد

  1. والله يا أستاذ حسين انت رجل كتاب و كتّاب الله يعطيك الصحة و العافية