منوعات

“أي مكانة وخانة تسد” كوتش عائشة.. حكاية أول امرأة في العالم تقف على خط التماس


وعائشة محمد إبراهيم عبد الكريم تروي قصتها مع كرة القدم تذكرت أبيات الشاعر محجوب شريف التي تتمنى للمرأة أن تنال حظها من الحياة، بل وتمارسها بشكل طبيعي دون قمع أو تخويف أو تحريم، ومن المؤكد أن مثال عائشة هذا سيكون مكان فخر وإعزاز لعشاق الحياة الطبيعية، الحالمون بعالم يقوم على المساواة والعدالة:

نحن بنحلم وكم نتمنى
تبنى حياتا الند بالند
أي مكانة وخانة تسد
من السجانة
تقول عائشة: “ولما ولجت مدرسة الخرطوم الجديدة الثانوية للبنات كنت مهتمة جدا بكرة السلة وكرة اليد، وبالفعل انخرطت فيهما، وواصلت اللعب حتى مثلت منتخب ولاية الخرطوم في العام 96 /97، وجبنا الأقاليم فلعبنا في كوستي، الدويم، بورتسودان، القضارف، كسلا، كما لعبنا خارج السودان ضد منتخب الصومال، وتبارينا نهاية التسعينات ضد فريق أمريكي للسلة بقاعة المرحوم هاشم ضيف الله”.. قلت لها: “كيف تقبلت الأسرة أن تكوني لاعبة كرة سلة محترفة؟”. فردت سريعا: “إنه المرض الذي مثل لي طوق النجاة، فقد كنت في أيامي الأولى مع اللعبة مصابة بداء (الربو)، وطالب الطبيب الأسرة بضرورة ممارستي للرياضة، فرضخت الأسرة، وبالفعل تخلصت لا حقاً من ذلك المرض”.

البداية بالإمارات
تواصل عائشة قصتها المثيرة، تقول: “في العام 2007م شاركت في ماراثون جري نسائي بتنظيم من شرطة دبي بمسافة تبلغ 4 كيلو، قطعته في 13 دقيقة فقط، وكنت السودانية الوحيدة”. قلت لها ما الذي أتى بك إلى الإمارات؟ قالت: “هو العمل، حضرت العام 2006م لأعمل في وظيفة تخليص المعاملات في الدوائر الحكومية المختلفة، وهي مهمة أتاحت لي خلق علاقات طيبة مع أطياف مختلفة من الناس”.

فريق المدفعجية
وعن علاقتها بكرة القدم تقول: “البداية كانت عندما تم اختياري في النادي السوداني بدبي في لجنة المرأة مسؤولة عن البراعم والناشئين (9 – 17 سنة) في العام 2007م، فبدأت تعريف النشء بالسودان، عاداته، قبائله، تقاليده، وغير ذلك، فالبعض منهم ولد بالإمارات ولا يعرف أي شيء عن السودان، وبدأ الأطفال يشاركون في المناسبات الوطنية والاحتفالات الخاصة بالجالية السودانية، ولما وجدت شغف الأطفال بكرة القدم كان تأسيس نادي المدفعجية في العام 2009م، ومنذ ذلك التاريخ إنطلق الفريق يشارك في دوري الجاليات، والدورات الرمضانية، ودوري الشركات والمؤسسات والأندية، وحصلنا على 8 كأسات من تلك المشاركات مثل كأس (نعم للرياضة لا للمخدرات) بتنظيم من شركة دبي، وقد لفت الفريق الأنظار إليه، فهو فريق حديث التكوين لكن سمعته طبقت الآفاق، إذ حصلنا على كأس بطولة الشيخ محمد آل مكتوم آل راشد، والتي شاركت بها فرق من خارج الإمارات، واشتغلت الصحف والقنوات الفضائية بالحديث عن ذلك الفريق الرجالي الذي تدربه امرأة، وأجريت معي العديد من المقابلات”. قلت لها “هل أنتِ المرأة الأولى في عالم تدريب الرجال؟”، فردت: “نعم، أنا أول امرأة تقف على الخط لتوجيه اللاعبين ليس فقط في العالم العربي، بل وفي العالم بأسره، لم تسبقني في هذا المجال امرأة، ولم تأت بعدي إلا أوكرانية مدربة لفريق بنات في دبي”. قلت لها “وكيف ولجت عالم التدريب؟”. فقالت: “أنا منذ العام 2009م حصلت على الرخصة (سي)، ومن ثم شاركت في الكثير من الورش والكورسات في عالم التدريب”.

نقل الفريق للسودان
قالت عائشة: “بعد نجاح التجربة في الإمارات قمنا بنقلها للسودان، حيث تم تسجيل فريق المدفعجية درجة ثالثة بمحلية جبل الأولياء، وتبارينا في سنوات مخلفة قبل ذلك مع فرق مثل: الهلال، المريخ، الأهلي شندي، الموردة، وفريق القادة والأركان، وغيرها، حيث لعبنا 12 مباراة لم نخسر إلا 2، بل وقمنا بتفريخ لاعبين للفرق الأخرى، حيث سجل منا أهلي شندي 4 لاعبين، الهلال 2، النيل شندي 2، الموردة 2، والمريخ 1”. قلت لها: “ما الخطة التي تلعبين بها؟ وما هي عيوب الكرة السودانية بنظرك؟” فقالت: “البطء هو العيب الأبرز في الكرة السودانية، لابد من نقل الكرة بسرعة، واللعب بشكل جماعي باقتراب اللاعبين من بعضهم البعض خاصة الثنائيات أو مايعرف بـ (الون تو)، وأما عن خطتي فأنا ألعب (4، 2،3، 1)”.

أمانٍ وتمنيات
قلت لكوتش عائشة “كيف يتواصل الحلم؟”، فقالت: “الفكرة كانت حلماً، وبالتالي تبقى الأحلام يقظة ومتمددة، نحلم بالوصول بفريق الكرة إلى مصاف أندية الممتاز والتمثيل الخارجي للسودان، نحلم ونخطط لأن يكون لدينا مجمع رياضي ضخم يضم كل اللعبات الرياضية، تمارس فيه المرأة الرياضة مثلها مثل الرجل، بل إنني أشجع النساء تحديداً على ممارسة الرياضة، فهن في حاجة فسيلوجية وطبية لها، فإن فعلن فلن تسمع الشكوى من البدانة والأمراض، لهذا أوجه عبر النداء للنساء مارسن الرياضة دون حياء.. فهي حلال حلال”.

الخرطوم – محمد غلامابي
صحيفة اليوم التالي