مقالات متنوعة

احمد طه الصديق : لا يمكن الشراء أوالمقايضة!!


> قيل إنه في إحدى الولايات، كان هناك تاجر ثري يجلس على كرسي أمام متجره، بينما كان يرقب باهتمام مجموعة من «العتالة» وهم يأكلون بشراهة واستمتاع (فتة فول) بها كمية الشطة والبصل والمش وجباهم تتقطر عرقاً، فقال له أحدهم:(يا حاج اتفضل معانا.. لكن طبعاً أكلنا ما بنفع مع الناس المرطبين) فقال لهم (تصدقوا لو قلت ليكم والله أنا بحسدكم على الأكل ده، أنا لي سنوات محروم من أكل حاجات كتيرة جداً حسي لو قلت لي تاني ما آكل جداد ولا لحمة ما عندي مانع بس أكل بوش وشطة وعدس وفاصوليا). هذا الحوار القصير، يشير إلى أن ذاك التاجر الثري، كانت تلك الوجبات الشعبية نعمة بالنسبة له، حيث أن معدته كانت تستقبلها بسهولة دون مشكلات صحية. يعني بدون حموضة ولا ألم في المعدة، لكنه لم يعي ذلك إلا عندما فقد قدرته الصحية على التعامل معها، كما أن العتالة وهم يستمتعون بكل هذه الوجبات بكل محاذيرها الصحية بالنسبة لكثير من الناس، لا يدركون قيمة هذه النعمة لأنهم لم يفقدوها بعد.
> قبل يومين رحل ستيف جويز مؤسس ومدير شركة أبل الإمريكية التي تعتبر من الشركات الكبرى في مجال الحاسوب والبرمجيات، وبلغت قيمتها السوقية «700» مليار دولار، وبينما كان جويز يحاصره مرض السرطان في المستشفى، كتب رسالة مؤثرة أهم ما جاء فيها قوله (لقد وصلت لقمة النجاح في الأعمال التجارية في عيون الآخرين، حياتي كانت رمزاً للنجاح، ومع ذلك وبصرف النظر عن العمل كان لديّ القليل من الفرح، وأخيراً في النهاية ثروتي هي مجرد حقيقة وأنا معتاد عليها وفي هذا الوقت أنا ممدد على سريري في المستشفى أتذكر حياتي الطويلة، أدرك أن جميع الجوائز والثروات التي كنت فخوراً جداً بها أصبحت ضئيلة وغير ذات معنى مع اقتراب الموت الوشيك). ثم يقول (إذا كان لديك المال يمكنك استئجار شخص لقيادة سيارتك، ولكن لا يمكنك استئجار شخص لحمل مرضك وآلامك بدلاً عنك، يمكن العثور على الأشياء المادية المفقودة مهما غلا ثمنها، ولكن هناك شيء واحد لا يمكنك أن تجده عندما تفقده، إنه الحياة). بالطبع ليس المليادير جويز الذي يدرك عندما يدركه الموت إن المال لا يجلب السعادة الداخلية للمرء أو يمنح أحد العافية ولو اجتمع أمهر أطباء الأرض لمداوته، كما أن كل أموال الأرض لا تهبك الحياة ولا يمكن أن تشتريها بها ولا مقايضتها بالكنوز والمجهورات وأفخر العقارات.
> سيتسلل المرض إليك رغم الدواء وستنسل روحك في ثانية محددة كتبها الله لك دون تأخير أو إبطاء، إن كل تكنولوجيا الأرض وعلماءها وجيوشها بكل أسلحتها الذرية والكيماوية والصواريخ الموجهة عبر الأقمارالاصطناعية ومصدات الباترويت، وكل مخبارات العالم كلهم جميعاً لا يستطيعون أن يعترضوا الموت أو يتنبأوا بميقاته.
> لكن مع ذلك فإن العديد من مترفي العالم أوجبابرته تستدرجهم النعم والصولجان وقوة البطش فلا يتذكرون الموت إلا عرضاً وحتى إذا تذكرونه فإنهم ينسونه في قمة السكر والغيبوبة، ويظنون كذلك إن حصونهم تعطيهم الأمان المطلق، فكم من ثري يحتمي بالكلاب والحراس وكاميرات المراقبة، لكن الغدر يتسلل إليهم مع ذلك من حيث لا يحتسبون وتغادر أرواحهم دون أن يشعربهم أحد.
> إن المسلمين يعلمون إنهم مستخلفين في المال ومع ذلك فكم من ثري ينفق بما يتناسب مع ما يملكه من مال؟!.
> تذكروا إن بعض جيرانكم جياعاً أومحتاجين متعففين أوأن أقرباءكم وهم الأولى بالمعروف قد يكونوا يبحثون عن اللقمة وعن ثمن الدواء وجرعة حليب لأطفالهم.
> تصدقوا وتذكروا يوم لاينفع فيه مال ولا بنون.