سعد الدين إبراهيم

الناجح لا يرفع يده


في المآتم والأفراح السودانية.. هنالك (بكاء خبر).. أي أن المتوفي مات في بلد بعيد ويقيم أهله عزاء يكون مبسطاً ربما ليلحق أهل الميت بالمأتم في ذاك البلد.. لكن ليس هنالك (عرس خبر) حتى لو كانت العروس”طرد”.. أي العريس
مغترب ولم يحضر مراسيم الزواج فيرسلونها له وتقام الأفراح في غياب العريس.

درجنا في امتحانات الشهادة وعند إعلان النتائج التي تعلن في الميديا كافة ويعامل الأوائل معاملة العريس وأكثر.. تجرى معهم المقابلات التلفزيونية والصحافية والإذاعية.. ويستضاف أولياء الأمور خاصة الأمهات اللاتي يتم إذاعة أسمائهن بجانب أسماء الآباء تكريماً لجهد الأمهات.. يطير نبأ النجاح
حتى خارج السودان.. وتظل الأفراح في بيوت الناجحين تقسم الحلوى وتولم الولائم..
ولا يكون (العرس) خبراً ولا العريس غائباً.. مناسبة هذا الحديث احتجاج حزين على (غتغتة) نجاح الأوائل بولاية النيل الأبيض.
اتصل بنا الأستاذ “عبد الرحمن عبد الله ميمان” وهو من أهالي الولاية ومدرس قديم نزل المعاش.. وقال لنا إن عرسان النيل الأبيض (بنات وأولاد) حرموا من تلك البهجة.. فقد ذكر لنا أن إعلان النتيجة تم في مؤتمر صحافي خجول للوالي في (ربك).. واكتفوا بذلك مع أن الأوائل ستة.. أربع بنات وولدان
كلهم نالوا (الفُل مارك) الدرجة الكاملة (280).. تقسموا بين كوستي التي لمع فيها أربعة من الأوائل.. ثم القطينة والدويم. يرى الأستاذ المعاشي أن في الأمر تحجيم للأفراح وحرمان للأوائل من الفرح المعلن مثلما في المركز.. لم تذع أسماء الأوائل عبر القنوات الفضائية المتعددة.. ولم تنشر النتائج
في الصحف ولم يقم عُرس النجاح على غرار ما يحدث في العاصمة.
بذلك حسبما أشار الأستاذ يصبح الفرح بلا طعم.. بلا إعلان.. بلا ترويج مثلما يحدث لأوائل المركز.. وحقيقة نرى في حزنه تبريراً.. وفي إحساسه بالغبن استحقاقاً.. والتساؤل لماذا تم هذا الإعلان الخجول وما ضر الوالي ووزير التربية
والتعليم لو أنهما حشدا للمؤتمر الصحافي مثلما يحدث في المركز.. بدعوة منادييب القنوات الفضائية والصحف لتقوم بتسجيل احتفاءات النجاح ومثلما يحدث يتعرف المشاهدون والقراء على الناجحين وتجرى اللقاءات مع أسرهم..
وبذلك يصبحون نجوماً مثل رصفائهم في المركز.. إذا كان في ذلك تكاليف على ميزانية الولاية.. فعلى الأقل كان يتم الإعلان أو إقامة المؤتمر الصحافي في “الخرطوم” حتى يكون الإعلان أشمل والأفراح أكبر ولا يظلم أوائل النيل الأبيض من الفرح المشروع على نحو ما يحدث في العاصمة.
عموماً هذا أشبه (بالعرس الخبر) الذي يكون بلا طعم.. أليس من حق الأربع بنات والولدين الذين قفلوا المجموع وأحرزوا الدرجة الكاملة في كوستي والدويم والقطينة أن يعلن عن نجاحهم ونجاحهن الباهر على نحو ما يحدث في
“الخرطوم”.. أم هو ضرب من التهميش للفرح.. ربما حدث هذا في كل الولايات ولكن ناس النيل الأبيض (حرروا البكا) واحتجوا.. ووصلنا احتجاجهم .. ونحن
بدورنا نسأل “كاشا” وأركان حربه خاصة وزير التربية.. لماذا جعلتم عرس الأوائل (خبر)؟!