جعفر عباس

معارك أم الكلاثيم والفواريز والبيكاسيك


عندما كنت أكتب مقالا يوميا في جريدة الوطن السعودية شكَّلت مع الكاتب الأستاذ عبدالمجيد الزهراني الجبهة التي أشعلت معركة أم الكلاثيم، فقد كنت مدة سنوات طوال أتكتم على عدم افتتاني بصوت وغناء أم كلثوم، وكان هناك رأي عام بأن من لا يطرب لأم كلثوم عميل للاستعمار أو من ذوي الاحتياجات الذوقية الخاصة، وكان الزهراني يملك من الشجاعة ما جعله لا يكتفي بإعلان عدم استساغته لغناء أم كلثوم بل إنه يعتقد أن أم كلثوم لا تستحق واحدا على عشرين من الإعجاب الذي ظلت تحظى به
وهكذا انفتحت الحلاقيم تصب اللعنات على الزهراني وتصفه بأنه «خائن» وعميل لإسرائيل، ورافض لـ«التراث العربي»، ولم ينج من القصاص إلا بعد أن تطوع أخونا صالح الشيحي، لافتدائه وصرف الأنظار عن جريمته النكراء بأن أشعل معركة أم الفواريز، عندما قال في فيروز أكثر مما قاله الزهراني في أم كلثوم.
ويحضرني هنا ما قاله أحمد فؤاد نجم في أم كلثوم (يا جماعة: ناقل الكفر ليس بكافر فلا تحملوني جرم ما قاله ذلك الشاعر الصعلوك في ست الكل!). المهم يبدو أن نجم غاظه أن أم كلثوم ظلت تغني منذ أن كان في المهد إلى أن شاخ: يا ولية عيب اختشي… يا شبه يد الهون… دا أنت اللي زيك مشي… يا مرضعة قلاوون… مدحتِ عشرين ملك، وميت (100) وزير ورئيس/ مروان وعبدالملك والمفتري ورمسيس/ بتغني بالزمبرك… وللا أنت صوت إبليس… من أول المبتدأ حتى نهاية الكون!.. ولأن أحمد فؤاد نجم حاقد بالميلاد والوراثة فقد غاظه أن شاباً مصرياً اسمه إسماعيل اشتكى من أن كلب أم كلثوم عضه فكتب في ذلك ملحمة شعرية جاء في نهايتها: أنت فين والكلب فين؟ ما أنت كده يا اسماعين… هو كلب الست ابني… وانت تطلع ابن مين؟
ولأن علي واجب والتزام أخلاقي تجاه الزملاء الزهراني والشيحي، فإنني سأتوكل على الحي القيوم الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم، لأقول إنني أعتقد أن بيكاسو بلطجي ومستهبل، ورسوماته مجتمعة لا تسوى ربع دينار عراقي أو جنيه سوداني أو تومان إيراني، ولو عرض عليّ أحدهم شراء لوحته الأشهر «الجورنيكا» نظير سندويتش فول مستعمل لما اشتريتها، فمن الواضح أن بيكاسو ابتدع مدرسة تقوم على تشويه مخلوقات الله. ويقولون إن الجورنيكا تصور بشاعة الحرب الأهلية في إسبانيا، ولكن التدقيق في تلك اللوحة يعطي الانطباع بأنها لجهاز هضمي لشخص يعاني من الإمساك الوبائي.
وعلى الرغم من إقراري بأن ليوناردو دافنشي أبدع -مقارنة ببيكاسو- في رسم تلك المرأة المسماة الموناليزا فإنني لا أجد في ملامحها أي مسحة من الجمال، فخدودها مكتنزة كما خدود رضيع يعيش على النيدو، لأن أمه تريد أن تحتفظ بصدرها مكتنزا، وفوق هذا فإن عينيها تشعان بلاهة، حتى ابتسامتها التي قال فيها النقاد أكثر مما قالوه في أم كلثوم تنم عن برود وثقل دم!! ثم إن موناليزا قليلة الحياء؛ فهي تنظر إليك من كل الزوايا، وربما لهذا السبب تم وضع اللوحة في غرفة منفصلة في متحف اللوفر في باريس لمنعها من التحرش بالرجال بالجملة، ويحلو لي في ساعات «الزهق» أن أعبث بصورتها على الكمبيوتر بوضع عينها اليمنى في فتحة منخرها الأيسر، وتركيب طقم أسنان مستعمل في فكها الأسفل مع ترك الفك العلوي خاليًا حتى من اللثة.
أرجو أن أكون قد وُفقت في رفع ضغط الدم الشرياني للمثقفاتية من قراء الزاوية الغائمة وهم يزعمون بأن نظري غائم وسمعي غائب.