مقالات متنوعة

هاشم كرار : جيتك يا بن سيف!


«بن سيف، يعجبني».

الرجل أسلوب- كما قال الأقدمون- ولبن سيف أسلوبه. أقسمُ أنني لو وجدت زاوية- في صحيفة من صحف بوركينا فاسو- ليست باللغة البوركينية- ولم يذيلها بن سيف باسمه، لقلتُ إنها لبن سيف.

لكتابات هذا الرجل طعم. هو يكتبُ ما لم تفكر أنت فيه. وهو يكتبُ، ويُبهّر، كل جملة ببهار لاذع، له نكهة.. ولذعة في لسان الدماغ!

لذع بن سيف..

لا، لا. هذه المرة، لسع السودانيين- أهلي وعشيرتي وتاج رأسي- قبل أيام، ورمى عليهم الصفة (الشائعة) التي يتندر بها «الخلجّن» ممن لا يتحدثون الفارسية: صفة الكسل…

هل السودانيون كسالى؟

يقول «الخلجّن» إن السودانيين من شدة كسلهم، لديهم مدينة اسمها كسلا.. ولا أعرف ماذا كانوا سيلحقون بهذه (الشدة) من صفة أخرى، لو أنهم عرفوا ان لنا مدينة بكاملها اسمها ( كمّل نومك)!

بن سيف، جدع الكرة في ملعبي، لأشوت ضربة مرتدة.. وح أشوت، من زاوية سابقة:

»الحديث عن الكسالى، ذو شجون، وأنا من قبيل من الناس متبايني الملامح

والسحن، فطس الانوف، جُعد الشعر، يسبغ عليهم الخليجيون، صفة الكسل، ويتندرون عليهم بهذه الصفة، وينكتون تنكيتا!

(اسباغ) صفة الكسل، علينا نحن السودانيين، ليست من بنات أفكار الخليجيين، إنها من بنات أفكار غيرنا نحن من الوافدين، إلى هذه المنطقة من العالم.

هذه المنطقة التي يطيب فيها الرزق، وتستطيب فيها الحياة، ويتزاحم فيها الوافدون، من كل أرجاء الدنيا، على الوظائف التي كلما ضاقت اتسعت، وهذه المنطقة من طفرة إلى طفرة، وهي في كل يوم جديد من حال إلى حال!

التزاحم على الوظائف، قد يكون شريفا، وقد يكون لا.. قد يكون (سيدا) وقد يكون بطرق ملتوية، ومن هذه الطرق التقليل من شأن الآخرين، وقدراتهم العملية، ومهاراتهم.. بل والتشكيك في شهاداتهم، أو في نزاهتهم، أو في طهارتهم الاخلاقية.. كل هذا يحدث بالتندر، والتنكيت، والمزاح، لكن يبقى

القصد- في النهاية- هو القصد: سد أبواب العمل في وجوههم، لتفتح في وجوه غيرهم!

إنه القتال من أجل الرزق، ولكنه القتال الذي لا شرف فيه، ولا خلق، ولا أمانة، ولا نبل، ولا نزاهة، ولا، ولا، لا.

في خضم (هالشكل) من القتال، أطلق من أطلق من الوافدين صفة الكسل على السودانيين، في شكل نكتة.. نكات، وراجت، وتوالت غيرها إلى يوم الناس هذا يا (عُسمان)، و(عُسمان) كانت تربد ملامحه في البداية، يكفهر وجهه، يستبد

به الغضب، ثم صار يضحك من شر البلية، ثم صار يضحك اخيرا، على من ضحك أولا، ومن يضحك أولا يبكي- عادة- في النهاية!

هل الكسل – إذا ما اعتبرنا السودانيين كسالى- صفة سالبة؟

»لا، لا.. إطلاقا، الكسل، حالة ايجابية».

هذه النتيجة ليست من (عندياتي) وإنما هي من أحد أشهر أصحاب الإمبراطوريات المدهشة في هذا العالم: بيل غيتس!

أترك بن سيف، يغالط أو لا يغالط بيل غيتس الآن، يبتسمُ ساخرا من جملته أو لا يبتسم.. يفكرُ فيها أو لا يفكر.. يلذعه أو يلسعه بزاوية اليوم.. أتركه هكذا مع خياراته المفتوحة، حتى يوم غد، لألتقيه في هذا المكان- وجها لوجه- مع نظرية غيتس: الكسل حالة ايجابية!