تحقيقات وتقارير

إمتحانات الشهادة .. توالي المفاجآت


الغش في الامتحانات لايتجاوز أن يكون مجرد (بخرة) أو سرقة طالب لإجابة من أحد زملائه الجالسين للامتحان أو ما يعرف بـ (الشف) ويقال فلان شف من فلان، ولكنه في امتحانات الشهادة السودانية هذا العام ولأول مرة تجاوز الغش كل الأعراف، وتطور بتطور التكنلوجيا، وتجاوزت عمليات الشف قاعات الامتحانات لتعبر إلى الحدود، واستخدمت فيه الوسائل الحديثة وأجهزة متطورة، استطاع من خلالها طلاب من دولتي الأردن ومصر الحصول على إجابات أسئلة بعض الامتحان، فبالرغم من الإجراءات المتبعة في تأمين الامتحانات، إلا أن إحدى المعلمات استطاعت كشف الجهاز المستخدم في الغش، الذي شاركت فيه شبكة إجرامية كبيرة تمكنت السلطات الأمنية من ضبط المتورطين فيها من الطلاب الأردنيين والمصريين،

وبعض العناصر الأخرى، وأصبحت القضية تمس الأمن القومي السوداني في المقام الأول، فضلاً عن أنها كادت أن تفجر أزمة دبلوماسية بين السودان ومصر من ناحية، ومع الأردن من ناحية أخرى، وفتحت المجال لإطلاق الشائعات التي تشير إلى تسريب بعض المواد وكشفها، وشائعة أخرى بإعادة الامتحان، الأمر الذي أقلق مضاجع الأسر والطلاب، وسارعت إدارة الامتحانات بنفيها، وسرت الطمأنينة في النفوس بعد أن وقع المتهمون في قبضة السلطات الأمنية، وأنهم سيأخذون جزاؤهم ورد الاعتبار للشهادة السودانية المعترف بها دولياً .

> مفاجأة الوزيرة
ولكن بالأمس فجرت وزيرة التعليم العام سعاد عبد الرازق مفاجأة من العيار الثقيل، عندما قالت إن بعض العناصر المتورطة في القضية هربت خارج البلاد، وأن دائرة الاتهام توسعت مما يضيف أبعاداً جديدة في القضية التي باتت تشغل الرأي العام، وتشكل خطراً على مستقبل الشهادة السودانية التي يفد إليها طلاب الدول العربية للجلوس لها .

> خط أحمر
رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر أكد أن الشهادة السودانية خط أحمر، لانسمح بالتلاعب فيها، مشدداً على ضرورة التعامل بحسم مع المتورطين فيها من الأجانب، مع مراعاة الأعراف الدبلوماسية في معاملتهم، وفي الوقت الذي قطعت فيه وزيرة التعليم سعاد عبد الرازق التي قدمت تقريراً مفصلاً لرئيس البرلمان بأن القضية تجاوزت مرحلة الغش داخل قاعات الامتحان وأصبحت قضية أمن قومي، وأعلنت الوزيرة رفضها لتصريحات وزير التربية الأردني حول تسريب الامتحان وكذبتها، وكشفت سعاد عن هروب بعض العناصر المتورطة في القضية من الأجانب من البلاد، وأرجعت ذلك لاستخدامهم وسائل حديثة ومتطورة، مما جعل عملية الوصول إليهم صعبة بواسطة الأجهزة الأمنية، لافتة إلى أن الخطوة دفعتهم لتوسيع دائرة الاتهام والتحفظ على عدد كبير من الطلاب الأجانب، موضحة أن لجنة التحقيق مازالت مستمرة في أعمالها ولم تفرغ بعد، وقطعت عبد الرازق بأن ماحدث لن يؤثر على سمعة الشهادة السودانية .
مدير الإدارة العامة لامتحانات الشهادة السودانية مختار محمد مختار نفى علمه بهروب متورطين إلى خارج البلاد وقال لـ “آخر لحظة “ أنا طالعت خبر هروب المتورطين في الصحف زيكم ).

> ملاحقة
وحول هروب بعض المتورطين في القضية أفاد مصدر بإدارة المباحث الجنائية بأن الإدارة لم تتسلم بلاغاً يفيد بهروب متهمين، إلا أنه أكد أنهم سيطبقون الإجراءات العادية المتبعة في مثل هذه الأمور، وإحضار الهاربين عبر البوليس الدولي (الانتربول).

> تباطؤ الوزارة
وبالمقابل الخبير القانوني حيدر التوم اتهم وزارة التربية بالتباطؤ في حسم القضية، مما دفع لهروب بعض المتهمين خارج البلاد، وقال كان يجب على الوزارة التعامل مع القضية بحسم وسرعة من البداية، ودعا للتعامل مع القضية بشفافية وشجاعة وكشف الحقائق وعدم التشويش، لافتاً إلى أن التكتم على المعلومات يفتح المجال واسعاً للاشاعات، ولكن التوم عاد وقال لـ (آخر لحظة ) ماحدث في امتحانات الشهادة أمرعادي وطبيعي وليس خارق ولايدعو للقلق ولكن الوزارة تباطأت في الأمر، وشدد على ضرورة ملاحقة الهاربين وإحضارهم عبر الأنتربول في أسرع وقت.

> سؤال مشروع
أما الخبير الأمني حسن بيومي فقد ابتدر حديثه للصحيفة بتساؤل، وقال كيف هربوا من المسؤول عن هروبهم؟ مؤكداً أن التعليم والصحة من المرتكزات الأساسية للأمن القومي، وشدد على أهمية أن تقوم الوزارة بدورها حيال القضية، وسد الثغرات في المستقبل، وقال بيومي يبدو أن بعض القائمين على الأمر لايشعرون بالمسؤلية تجاه القضية التي تمس الأمن القومي .
وبدوره بدأ الخبير التربوي الهادي سيد عثمان متحسراً لما حدث، وقال (الله يكضب الشينة) وأضاف مازلنا ننتظر معرفة الحقائق من المسؤلين بالوزارة، حتى نطمئن على موقف الشهادة السودانية، ويرى الهادي أن تصريحات وزيرة التربية الأخيرة حول القضية مؤشر خطير ويعيد القلق للنفوس مجدداً .

تقرير:ثناء عابدين
صحيفة آخر لحظة