مقالات متنوعة

احمد طه الصديق : في تصفية بعد الخرد؟!


> قبل أيام، أعلنت اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام تصفية اختيارية لشركة الخطوط البحرية السودانية، والقرار لم يكن مفاجئاً بالنظر إلى حالة التدهور الذي وصل إليه هذا المرفق الحيوي، فقبل عام باعت الشركة آخر باخرتين يمتلكها أسطول الخطوط البحرية السودانية كخردة وهما باخرتا «دارفور والنيل الأبيض». وقال المدير العام للشركة مصطفي محمد مختار لصحيفة «السوداني» آنذاك، إن إجراءات البيع «للنيل الأبيض» قد اكتملت لشركة هندية وغادرت البلاد، والثانية «دارفور» في مراحل البيع النهائية. بينما تحفظ المدير عن كشف قيمة صفقة البيع «الخردة» واكتفى بأن سعرهما ممتاز مقارنة بسوق البضائع النظيرة من الإسكراب. وقال إن البيع اقتضته ظروف الشركة وحالة الباخرتين، لكنه أعلن عزم الشركة على استعادة بريقها وبناء أسطول حديث من مختلف البواخر. وذكر أن الشركة قامت بشراء باخرة ركاب تم شراؤها عن طريق البيع الإيجاري يتم تدشينها بسواكن وهي باخرة تسع نحو 800 راكب.
> لكن يبدو أن السادة المسؤولين لم يشاركوا السيد المدير هذا الحلم المشروع بتطويرالشركة بعد تحرير شهادة الوفاة النهائية لها بإعلان التصفية، بعد أن سبقتها أطرافها إلى سوق الخرد العالمي.
> لكن يبدو خلافاً للمشكلات التي كانت تواجه الخطوط البحرية، فإن مرافق الدولة نفسها ساهمت في حصارها بعدم التعامل مع باخرتها، وسبق أن اشتكى المدير العام للشركة في أبريل الماضي للمجلس الوطني في اجتماع ضم وفداً من لجنة النقل بالبرلمان برئاسة نائب رئيس اللجنة، محمد بابكر بريمة، اشتكى مؤسسات حكومية من بينها هيئة الحج والعمرة بمحاربتها لاستئجارها بواخر أجنبية لنقل بضائع وركاب سودانيين بأسعار أعلى من التي قدمتها البحرية السودانية. وقال إن الهيئة في موسم الحج الماضي فضلت عروض البواخر النيلية البالغة «1200» جنيه للتذكرة مقابل عروض الخطوط البحرية التي لا تتجاوز الـ«800» جنيه رغم تقدم البحرية بعرضها قبل شهرين من بدء الموسم.
> ونحن من جانبنا نسأل: هل تمت مساءلة تلك الجهات التي تستأجر بواخر أجنبية بسعر أعلى من بواخر الناقل الوطني، مما يعني إهدار وتبديد للمال العام؟
> سيما في بداية الألفية الثانية كانت خطط الشركة تشمل تطوير المرفق وشراء بواخر جديدة على النحو التالي نذكرها للتذكير وهي:
1 – إنشاء شركة ملاحة بحرية بالشراكة مع شركة بتروناس الماليزية عام 2005م.
2 – دخول بواخر ركاب حديثة للأسطول 2005/2006م.
3 – نقل الحاويات بين موانئ البحر الأحمر عام 2005م.
4 – أسطول شاحنات لتكملة حلقة خدمات النقل 2005/2006م.
5 – دخول بواخر لنقل البضائع 2006/2008م.
6 – دخول ناقلات النفط 2006/2008م.
> غير أن كل هذه الخطط لم تنفذ لأسباب ربما بعضها يتعلق بالشركة، وبعضها تتحملها الدولة كممول وضامن إضافة إلى بعض مرافقها الخدمية التي تخلت عنها وذهبت إلى الشركات الأجنبية بتكلفة باهظة، مما يعد إهداراً للموارد الوطنية، لكن بما أنها لم تحاسب فقد خسرت الخطوط البحرية الرهان وتبخرت أحلامها التي تشبثت بها رغم أرتال الخرد التي باعتها.
> والمعروف أن تصفية أي مرفق يشمل البضاعة التي تمتلكها المنشأة أو الآلية التي تعمل بها، بيد أنه بالنسبة للخطوط البحرية السودانية فإن آليات العمل الأساس هي البواخر وقد بيعت خردة وتبقت باخرة بنظام الشراء الإيجاري، ويبدو أنها ستباع ضمن التصفية لسداد ما تبقى من قيمة ثمن الشراء أو ربما أعيدت للبائعين وفق تسوية جديدة، عليه فإن التصفية لن تختلف عن بقية المؤسسات الأخرى فيما يبدو، حيث أنها من المتوقع أن تشمل السيارات إن كانت مملوكة للشركة والأثاثات عدا البواخر غير الخردة والتي طالما عبرت البحار إلى بلاد «أولاد جون» تحمل صادرات البلاد وركابها.