محمد عبد الماجد

الناقل الوطني (جرد عذاب)


(1)
> إن كان للخطوط الجوية السودانية من (أفضلية)، ومن سمعة حسنة رغم ما وصلت إليه من تدهور وتراجع، فهو في (موظفها) وكادرها (الوظيفي)، ولا نقول (الإداري)، لأن بعض أزمتها في (إدارتها).
> غير أن الموظف والعامل العادي في الخطوط الجوية السودانية مازال يتحلى بكل ضوابط الخدمة المدنية عندما كانت في عهدها الأول.
> عندما كانت قد تتأخر دقات ساعة (هنا أم درمان)، ولا تتأخر طائرة الخطوط الجوية السودانية عن موعد إقلاعها أو هبوطها.
> مازال الموظف في الخطوط الجوية السودانية يحفظ شعار (سودانير) في (ابتسامته)، التي يحملها طوال دوام عمله الرسمي.
> سقط شعار (سودانير) وتراجع كثيراً وبقت تلك (الابتسامة)، رغم حرج السؤال وتدهور الأوضاع.. واشتداد الركاب وغضبهم على الوضعية التي يجدون أنفسهم فيها عندما يسافرون عبر (سودانير).
> نتمنى ثورة (عملية) في سودانير تعيد للطائر السوداني العريق سمعته ومجده التليد.
> سودانير مثل (الشهادة السودانية) ومثل (السمرة) و (العيون العسلية)، و(القامة المربوعة)، هي جزء أصيل من مكونات الوجدان السوداني.
> سودانير خلقت لنفسها (أدباً) في وجدانيات الشعب السوداني كما محمد وردي وعثمان حسين وإبراهيم عوض وعبدالعزيز محمد داؤود.
> كانت تطربنا مثلهم.
> هي كان لسفرياتها ذلك الإبداع الذي كنا نجده عند صلاح محمد إبراهيم وعلي المك.
> وفيها من الإبداع ما كنا نجده عند صديق منزول وجكسا وكمال عبدالوهاب ومنصور بشير تنقا وعصمت الامتداد وأسامة سكسك وهيثم مصطفى.
(2)
> تتبُّع برنامج رحلة عبر (سودانير) والإقلاع بطائرتها يمكن أن يكشف لك عن الحالة التي بلغتها الخطوط الجوية السودانية.
> ليس مطلوباً منّا غير تقديم (الخطوات) التي تتبعها سودانير لتعرف أين وصلت الأمور.
> اتخذت الطائرة السودانية من جدة الى الخرطوم فكان برنامجها على ذلك النحو الذي يمكن أن نقول عنه إنه (مأساوي).
> رحلتها أشبه بـ (برمجة السيول والفيضانات) لأن إقلاع الطائرة السودانية وهبوطها مرتبط بالظروف ليس ظروف (الطقس) وحده، ظروف (عزاء) يمكن أن يعطل الإجراءات فيها فهي كأنها تعمل بـ (القسمة والنصيب).
(3)
> حضرنا الى مطار جدة عند الساعة الرابعة عصراً حسب ما حدد لنا لكن طائرتنا أقلعت عند الساعة الحادية عشرة مساء، وقد حسب ذلك منها (إنجازاً).
> 7 ساعات يقضيها الراكب في مطار جدة حتى اذ (فتح الوزن)، هلل الركاب وابتهجوا لذلك لأن الإقلاع بعد ذلك سوف يكون في ظرف (5) ساعات فقط.
> ورغم أن رحلتنا كانت عبر (سودانير) حسب إشارة (تذاكرنا)، إلّا أن الطائرة التي استقليناها الى الخرطوم كانت طائرة تابعة للخطوط الجوية الأردنية وهي تحمل شعارها غير أنها تحمله في تهمل.
> ولولا حنكة الطاقم السوداني في قيادتها لقلت إنها تتبع للخطوط البحرية وليس الجوية.
> بعد ساعة و20 دقيقة أعلن كابتن الطائرة بعد الوصول لمطار الخرطوم أن الأجواء لا تسمح له بالهبوط..رغم أن كل الطائرات كانت تهبط في سلام تام.
> يبدو أن قدرات الطائرة (الأردنية) وإمكانياتها مثل (طلابها) – لا تؤهلها للهبوط اذا كان (النسيم) عليلاً في الخرطوم.
(4)
> هبطت بنا الطائرة (السودانية) عفوا (الأردنية) في مطار بورتسودان ليتم حبس الركاب في صالة المغادرة.
> بقينا في بورتسودان حتى الساعة الخامسة صباحاً، قدمت فيها (سودانير) لركابها المحبوسين في الصالة قارورة مياه صحية بمعدل قارورة لكل راكب.
(5)
> أقلعنا من مطار بورتسودان الى مطار الخرطوم لنصله عند الساعة السادسة صباحاً في رحلة استغرقت اجمالاً (14) ساعة وهي لا تستغرق جوياً أكثر من (80) دقيقة.
> عندما بلغنا الخرطوم افتكرنا أن المعاناة سوف تنتهي هنا. فتبدد حلمنا ذلك اذ بقي انتظارنا للعفش أكثر من ساعة.
> بعدها علمنا أن نصف أمتعة الركاب لم تحضر معهم فالعفش داخل سودانير على مسؤولية (الظروف).
> قد تأتي أمتعتك وقد تظل تترقب وصولها يوماً بعد يوم.
> المؤسف أن مكتب سودانير يعتذر لك عن تسلم الأمتعة تارة بقولهم إن موظف الجمارك (عنده بكا).. وتارة بامتداد الصفوف وزحمة الركاب لاستلام أمتعتهم من مخزن العفش فتعود دون أن تكون قد تسلمتها لتعود في الغد (وتركب الصف) من جديد.
> مضت (9) أيام منذ وصولنا ومازالت امتعتنا طرف سودانير.
(6)
> هكذا هي سوادنير..لا نعرف إن كان هذا الذي يحدث فيها (غش) ام (تسريب).
> غير أن الأكيد هنا أننا نفقد أهم وأفضل مؤسساتنا الوطنية العريقة.
> أعيدوا لسودانير تلك (الإبتسامة) التي مازال يحملها موظفوها رغم كل هذا الكدر والضيق.