رأي ومقالات

السودان الدولة الوحيدة في العالم التي تتعطل فيها دواوين الخدمة بسبب وجبة الفطور


لزمت الفراش طوال يومي الجمعة والسبت بسبب وعكة صحية طارئة ألمّت بي واضطرتني إلى زيارة الطبيب ، أنا الذي لا أحب زيارة المستشفيات مهما كانت الأسباب ..
بعد إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة ووصف العلاج طلبت من الطبيب إعطائي إجازة مرضية لأنني كنت مرهقاً للغاية ..
كتب لي الطبيب في تقريره (راحة لمدة يوم واحد – الأحد ٣ أبريل) ووضع ختمه على التقرير ثم ذيله بتوقيعه ، وطلب مني أن أختمه بختم إدارة المستشفى حتى يكون معتمداً لدى الجهة التي أعمل فيها.
تذكرت في تلك اللحظة حالنا في السودان ، حيث يكتب لك الطبيب ودون أن يطرف له جفن أو تهتز فيه شعرة عبارة (راحة لمدة ٣ أيام) ، هذا إن لم يكتب لك: (راحة لمدة أسبوع) ..
أعتقد أننا – كسودانيين – كرماء جداً فيما يتعلق بالإجازات المرضية .. وفي غير الحالات المرضية نتغيب عن العمل بأتفه الأسباب ، وأحياناً كثيرة بدون سبب حتى !!
‫‏عادي جداً‬ أن يأتي موظف الدولة إلى مكتبه متأخراً وعندما يطلع للفطور ياخد ساعة ونصف أو ساعتين (نحن بالمناسبة الدولة الوحيدة في العالم التي تتعطل فيها دواوين الدولة بسبب وجبة الفطور) ويطلع الموظف قبل انتهاء الدوام بساعة أو ساعة ونصف ولا يهم أن تتعطل بسببه مصالح عشرات أو مئات – إن لم نقل آلاف – المراجعين !
العامل أو الموظف عندنا يذهب إلى عمله وهو كاره له ولسان حاله يقول (نشتغل لهم قدر قروشم) .. فالراتب الذي يتقاضاه لا يؤمن له حاجياته ومصاريف أسرته حتى آخر الشهر ولا حتى نصفه إلا بمجابدات واجتهادات.
#عادي_جداً أن تسمع عبارة (اليوم بعد كدا انتهى .. تعال بكرة) .. وتنظر إلى ساعتك فتجدها العاشرة والنصف أو الحادية عشرة صباحاً ..
#عادي_جداً تمشي تلقى كل الموظفين طلعوا الفطور – بعربية الحكومة – عند زميلهم (المتغيب عن العمل) لأنه ضابح وعامل سماية للمولود الجديد..
#عادي_جداً يموت المريض بالمستشفى بسبب نقص الأوكسجين لأن الأنبوبة الوحيدة في المخزن ، والمخزن مقفول بالمفتاح ، والمفتاح عند العامل ، والعامل ماخد إذن عشان خطيبة ود خالة نسيب قريب جاره مسافرة مدني وسيادته حلف يمشى يوصلها الميناء البري ..
حتى في قطاع الأعمال اليدوية والحرفيين تلاحظوا أن كل الأعمال تبدأ بكرة وليس الآن .. تتفق مع البنّاء أو السباك أو الكهربائي أو النجار لأداء عمل معين في بيتك فيقول لك : إن شاء الله أجيك وأبدأ الشغل من بكرة الصباح .. وبكرة الصباح تضطر إلى الاتصال به وتذكيره باتفاق الأمس .. وهكذا تهدر الدقائق وتضيع الساعات وعمل اليوم يؤجل إلى الغد ، هذا إذا لم يلغى تماماً ..
فمتى نقدر العمل وقيمة العمل ونستشعر أن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل ؟؟..

بقلم
عمر أحمد حسن


‫6 تعليقات

  1. اذا كان موظفو الدولة محبطين من المقابل المادي الواحد يستغرب ويندهش لحال الحرفيين تجد فيهم عدم الإحساس والجدية اذا تم الاتفاق مع البنا مثلا علي عمل بمبلغ معين هنا عامل الزمن يكون في صالحه وذيادة دخله اذا احترمه لكن هيهات اول حاجة يبدأ الشغل متاخر وبعد شوية يمشي الفطور ويشرب الشاي يكون ماعمل حاجة واليوم انتهي تاني يوم مايجي خالص تساله يقول ليك سافرت لعزاء ويطلب جزء من المبلغ تحت الحساب كثير جدا الناس تضطر تجيب بديل للشخص الاول ويصادف صاحب العمل يكون مغترب مربوط بفترة محدودة تأشيرة وحجز طيران يرجع وكله حسرة
    علي زمنه الضاع في لا شي

  2. واذا بعد ده قالو السودانيين كسلانيين ما بنقبلها….اعتقد انو نحن ما بنحترم العمل في حد ذاته كقيمة …..واذا في شخص ما عاجبو شغلو احسن يخليهو بدل يمسك وظيفة وما ياديها بالطريقة الصح ولا شنو ؟؟

  3. هذا المقال منقول ومسروق .. فهو عرض قبل اكثر من سنتين ,, وعلى النيلين من كاتب لا اذكر اسمه

    1. مسروق في عينك يا مخ مافي ..
      أما كاتب هذا المقال في الفيس بوك وقد نقله هذا الموقع من صفحتي ..
      وقد كتبته في 5 أبريل 2016
      أي أنه لم ينشر من قبل .. وعندك محرك قوقل أسأله ..
      فعلا مخ مافي

  4. هل التسيب وعدم إحترام العمل والوقت سمة فينا كشعب ام أنه تغيرات حدثت فى حياتنا ومجتمعاتنا ، والحقيقة هى ليست سمة نتسم بها ولا صفة لنا بل هى ظاهرة ظهرت عندما نخر الفساد والسياسة الخدمة المدنية والسودان من ثورة أكتوبر (هى ليست ثورة بل إنتفاضة شعبية وهمدت بدليل انها لم تحدث أى تغيير ورفاهية للشعب السودانى ) منذ تلك المسماة الثورة بدأت السياسة تنخر فى جسد الخدمة المدنية فخلقت الفوضى فى العمل مما فتح الباب واسع امام الفساد والذى لم ينغلق حتى هذه اللحظة ، فقد بدأ بسياسة التطهير التى احدثها الحزب الشيوعى بعد ثورة اكتوبر وهى نفسها سياسة الصالح العام والتمكين فى عهد الكيزان ، وفى عهد نميرى كان مقص نميرى وزمرته يقص فى الخدمة المدنية ويرقع فيها كما يحلو له ،يضعف هذه المؤسسة ويقوى تلك ، ثم جاءت الفوضى العارمة فى الحكومات الديمقراطية . لهذا ليس هناك من إصلاح فى الخدمة المدنية إلا إذا خرجت السياسة منها واصبح الإختيار لمن يخدم البلد والشعب فقط وليس بالولاء الحزبى او القبلى او العشائرى او المذهبى ، وأن يمنع ممارسة أى عمل سياسى ظاهراً او باطناً ، حتى يعود السودانيون كما كان إنضباط فى العمل والمواعيد وخدمة مدنية مشهودة لها بين العالمين حينما كان الناس تضبط ساعاتها على القطارة لدقة مواعيده .