محمود الدنعو

مطلوب تحسينات أوروبية


بعد مرور 18 عاماً تقريباً على بدء الحملة الدولية للإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، رداً على الهجمات التي تعرضت لها سفارتي واشنطون في نيروبي ودار السلام في العام 1998، بات من الضروري طرح الأسئلة حول جدوى هذه الحملة، بينما الأعمال الإرهابية في حالة انتشار وتهديد أكبر للعالم، وتطرقنا في الحلقتين الماضتين إلى الجهود الأمريكية والاختلاف الدولي حول المفاهيم الأساسية في هذه الحملة، ونختتم اليوم هذه السلسلة بتسليط الضوء على الواقع الأوروبي.
خلال العام الماضي وبعد هجمات باريس وبروكسل ضاعفت فرنسا وبلجيكا حملاتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، من أجل تضييق الخناق وضبط الحدود الأوروبية والمزيد من تبادل المعلومات الاستخبارية، واعتقال المشتبه بهم. وبعد اعتداءات بروكسل في 22 مارس الماضي أكد رئيس الوزراء البلجيكي على خطط لاستئناف الحملات الجوية وضربات طائرات اف 16 لمعاقل تنظيم الدولة الإسلامية كجزء من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد الجماعة المتطرفة.
وبينما يقترح الخبراء في مجال محاربة الإرهاب سبلاً للأوروبيين لتبادل المعلومات الحساسة، فهناك اعتقاد متنامٍ في نيويورك بأن الأمم المتحدة هي فقط من يقوم بهذه المهمة بشكل أفضل، وتقول القوى الأوروبية إن مجلس الأمن الدولي فوض بعض الدول باستخدم القوة المفرطة ضد الإرهاب، ولكنه تجاهل معالجة ما ينتج عن ممارسة هذه القوة.
أصبح من الضروري الآن بالنسبة للدول الأوروبية إجراء تحسينات ضرورية لخططها بشأن تقاسم وتبادل المعلومات الاستخبارية عن تحركات المشتبهين من مليشيات تنظيم الدولة الإسلامية وإن البلدان الأوروبية تنقصها الإدارة السياسية.
في العام 2004 وبعد تفجيرات مدريد التي أدت إلى مقتل 192 أسس الاتحاد الأوروبي منصباً لتنسيق جهود محاربة الإرهاب من أجل تعزيز الانسجام بين الدول الأعضاء، ولكن مكتب التنسيق لا يملك أي سلطات، كما يشير إلى ذلك ايرك روساند المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية المختص بمحاربة الإرهاب في حديث إلى (فورن بولسي) عن مكتب التنسيق الأوروبي حين يقول: “يملك اسماً وعنواناً كبيرين وينتج تقارير ممتازة، ولكنه محدود التفويض والصلاحيات والموارد”.
المنسق الحالي وهو دبلوماسي بلجيكي يدعي جيلس دو كيرشوفي أصدر في الأول من مارس الماضي تقريراً، جاء فيه أن هناك ضرورة ملحة وعاجلة للمزيد من تحسين أسلوب تبادل وتقاسم المعلومات، ولضبط أمن الحدود بين الدول الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق باستخدام قاعدة بيانات مشتركة حول الحمض النووي وبصمات الأصابع ولوحات السيارات للمشتبهين بالإرهاب. وأشار التقرير إلى أن الحكومات لم تستخدم حتى قواعد البيانات المنفصلة للمساعدة في عمليات التحقيق والمحاكمات الجارية الآن للمشتبهين.