عبد الباقي الظافر

خذ جسدي وأعطني قلبك..!!


مددت دكتورة منال نفسها على طاولة الفحص .. كشفت عن نصف جسدها الأعلى وأغمضت عينيها.. لحظات عصيبة، كل شيء يمكن أن يحدث.. نادت على مريضها “ صلاح أنا جاهزة”..تردد المريض قبل أن يزيح الستار.. حينما رآها كانت أجمل مما توقع.. بدأ يرتجف خارت فحولته.. كانت تلك المرة الأولى التي يفشل في إصابة هدفه..رأى فريسته تبكي.. لم يدر ماذا يفعل.. تاه لبعض الوقت.. انخرط على عجل ليستر المرأة التي أحبها بصدق .. ثم أخذ بيدها إلى معقدها كطبيبة.. في منتصف المكتب قفزت منال نحو عنقه لتعانقه.. بدءا كراقصي باليه يمرحان في غيبة الشيطان.. اختلط الفرح بالحزن..بات من الصعب التفريق بين المريض والطبيب بين العاشق والمعشوق.. حينما جلست على مقعدها..اعتذرت لملمت أوراقها وسماعتها الطبية..طلبت منه بحسم ألا يعود لعيادتها..أخبرته أن اخصائيي الطب النفسي منتشرون في المدينة.
في رحلة العودة إلى المنزل كان صوته في كل مكان..عبارته “ لا شيء غير أنني أحبك .. أنت المراة التي أبحث عنها من زمن ماض إلى زمن آت”..حينما تحدق في مرآة العربة الداخلية لتستكشف الطريق تجد عيونه هنالك..سألت نفسها لماذا هذا المريض غريب..منذ اللحظة الأولى شعرت بروح التحدي.. قال لها لم أتزوج لانني لم أجد المرأة الشريفة.. كل النساء(…..)..ابتسمت لحظتها دكتورة منال وهى تستطلع وجه الرجل المستفز..بدا وجهاً عادياً..اكتشفت سر حيويته في ابتسامة..شعرت بالاحتقار كادت أن تطرده، ولكنها تذكرت أنها طبيبة وأنه مريض..أنهت مقابلته الأولى على عجل.
بدأ صلاح يتردد على العيادة مرة وأخرى.. أراد أن يثبت نظريته الشريرة.. بدأ يمارس الإغواء على الطبيبة الجميلة..أدرك أن مدخله إلى عالمها يبدأ من تجربة حب فاشلة خسرت نتيجتها منال..الفشل في الحب لا يعالجه إلا مزيد من الحب، تلك واحدة من قواعد اللعبة التي أدمنها صلاح مهندس البرمجيات الثري، مدد نظرياته إلى النفس البشرية..العاملين في العيادة اعتبروه مجرد مريض ثقيل الدم..باتوا يضعونه دوماً في نهاية القائمة ثم ينصرفون إلى بيوتهم.. دكتورة منال اعتبرت نفسها في مهمة خاصة لإبراء ساحة بنات البلد.. جلسات العلاج تحولت إلى منتديات نقاش.. كانت تذكره أن حواء أقيم من أن ينظر اليها كوعاء لإفراغ الشهوات.. تحتد معه وتذكره أن المتهمة هي أمه وأخته وخالته وعمته.. يهرب من الحصار متمترساً حول أن هنالك نسبة قليلة من بنات الناس المحترمات.. بهذا الاستدراك يهرب من الحصار.
فشلت دكتورة منال في معرفة أسباب هذه الرؤية القاتمة .. بدأت تفتقده إن غاب عنها..شعرت نحوه بالتعاطف.. ثم رويداً جعلته موضع الصديق.. شكت له عن تجربة حبها الفاشل.. صديقتها الثرية خطفت خطيبها عاطف وهربت به إلى لندن..اشتجرا في أيهما الجاني..عاطف الطبيب الفقير أم إلهام ابنة البيت السياسي الكبير..هنا بدأت تنفك العقدة.. دافعت عن حبيبها السابق، واصطف صلاح مع العاشقة بحجة أن الحب أكبر من الصداقة.
خرجت علاقة المهندس والطبيب من ورشة العلاج..باتا يلتقيان في المناسبات..اكتشفا أن فرقة عقد الجلاد تجمع بينهما، وأنهما يكرهان الطائفية ويحبان الملوخية والبطاطس المقلي..صداقة محفوفة بالخوف..حب لن يبلغ مأمنه..كانت منال تخشى أن تصبح مجرد ضحية، وبعد ذلك يمضي صديقها إلى محطة أخرى ويكسب الرهان..تزعزعت نظرية صلاح، وهو يواجه مقاومة وصلابة..كل منهما اكتفى بالمتاح ولكن تيار العشق كان جارفاً.
في ذاك المساء كان ينظر إليها بشره زائد..مد يده ليحتوي يدها الناعمة..اقترب منها ودنى من فمها.. بسرعة انسحبت ومضت إلى أريكة الفحص..أرادت أن تستسلم لهذا الصياد الذي لا يفتر..لم تعد تستطيع أن تقاوم الشيطان..في اللحظة الفاصلة يعتزل الشيطان.
.بدات دكتورة منال تقود عربتها بسرعة مستشعرة الهزيمة..حينما وصلت إلى منزل والدها وجدت المهندس صلاح قد سبقها إلى هنالك..كانت تلك المرة الأولى التي يطرق فيها الرجل البيوت من أبوابها.