هيثم كابو

أزمة التلفزة و”اللعب تحت الطاولة” 5


* ذكرنا في حلقة أمس أن أسامة عطا المنان في اجتماع لجنة التسويق بالاتحاد العام لكرة القدم مع ممثلي كتلة أندية الممتاز مطلع الموسم الماضي قال إن عقد الاتحاد مع التلفزيون القومي الذي نال بموجبه حقوق بث الدوري (ليس حصرياً) وبإمكانهم تسويق مجموعة من المباريات لقنوات أخرى وتحقيق عائد إضافي، ولكن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أسامة الذي ترأس الاجتماع ومنسوبو اتحاده أن عقد التلفزيون القومي (حصري) مقابل (3) مليارات فقط؛ وهذا ما تكشف لمجلس إدارة الاتحاد مؤخراً لينتهي الموسم الماضي بكل أزماته، وتبدأ مشكلة التلفزة تطل برأسها من جديد مع بداية هذا الموسم بالرغم من أن (التفاصيل باتت محفوظة والحيثيات مكررة) ولا جديد فيها سوى تغير تاريخ حدوثها..!
* لم يف التلفزيون بالتزامه هذا العام وبدأ في بث مباريات الموسم الذي اقتربت دورته الأولى من نهايتها.. توقف البث بأمر الاتحاد العام الذي أعلن أن عقده مع التلفزيون أضحى لاغياً لعدم الالتزام بالبنود التي تم الاتفاق عليها؛ وها هي قناة الملاعب تتقدم بعرض لبث ما تبقى من الدوري، ودعونا اليوم نضع نقاط كل الخيارات فوق الحروف.
* تجددت أزمة بث الدوري الممتاز هذا العام من جديد، وتلفزيون السودان و(ذراعه الرياضية قناة النيلين) في انتظار تدخل الدولة لشراء الدوري وترك عائد الإعلانات لحضراتهم للاستفادة منها والترويج بأقل الأسعار طالما أن الدوري يأتيهم مجاناً ولا أحد يحاسبهم على العائدات، و(كدا الأمور بتمش مع التلفزة الما داقين فيها حجر دغش)..!
* تظل مشاهدة مباريات كرة القدم (نوعاً من الرفاهية)، كما أن النقل التلفزيوني أضحى سلعة مطروحة للبيع والشراء، ومن يدفع سعراً مناسباً يوازي قيمة الدوري يحصل على الحقوق.. دعونا من العواطف التي لا قيمة لها، ويجب ألا تتدخل رئاسة الجمهورية في ملف التلفزة ونقل الدوري الممتاز كما يحدث سنوياً، فقط على الدولة أن ترعى حقوق كل المؤسسات وتوفر الشفافية ويتحول الأمر إلى عروض وعطاءات.. كيف للدولة التي لا توفر العلاج والغذاء والتعليم لمواطنيها مجاناً أن تدفع من خزانتها العامة التي هي محصلة (أموال دافعي الضرائب) لشراء الدوري بمبالغ طائلة؛ بينما يعود ريع الإعلانات لخزانة النيلين أو التلفزيون القومي؟
* لم يلتزم التلفزيون بعقده المبرم مع الاتحاد العام لكرة القدم لعامين (كان من المفترض أن ينتهي بنهاية هذا الموسم).. الآن مباريات الدوري الممتاز الذي تبقت لدورته الأولى أسابيع معدودة خارج دائرة التلفزة.. يجب على الاتحاد الإسراع في دراسة العروض التي أمامه لتلفزة الدورة الثانية ويجب عليه أيضاً البحث عن بديل بذات المبلغ الذي كان مطروحاً في عقد التلفزيون القومي – أي أن نصف الموسم نظير مليار ونصف المليار جنيه – مع تسويق مباراة القمة في الدورة الأولى منذ الآن بسعر منفصل حتى يتسنى لمن يتعاقد لبثها توفير شركات للرعاية منذ وقت مبكر..!
* الناظر لواقع القنوات الفضائية الآن يدرك أن قناة الملاعب الرياضية التي حصلت على بث مباراة الهلال والأهلي الليبي وملحمة المريخ مع وفاق سطيف الجزائري تعتبر هي الأكثر حظاً في الحصول على حقوق تلفزة الدورة الثانية لإمكانياتها الفنية والمادية ورغبتها في الإعلان عن نفسها وتشكيل حضور فاعل في المشهد الرياضي، كما أن صاحبها محمد عمر الفاروق لم يتردد في شراء دوري الدرجة الأولى وتجهيز أستديوهات داخل استادات كرة القدم مع شراء أجهزة متقدمة والعمل بنظام تقني جعل تكلفة النقل للمباراة الواحدة تقل لقيمة يصعب تصديقها مقارنة بأرقام قيمة النقل معروفة، وإن كانت قناة (قوون) الرياضية تمثل آخر من قدم عرضاً سخياً وكانت منافساً قوياً، فالقناة الآن دخلت في نفق إشكاليات مالية ولم تسدد قيمة إيجار القمر الإصطناعي ولم تخرج عن دائرة المنافسة في الحصول على الدوري الممتاز فقط؛ إنما خرجت عن دائرة التواجد الفضائي تماماً ولا تزال الخطوط تحتل شاشتها بعد توقفها تماماً عن البث..!
* فلسفة قناة النيل الأزرق الإدارية منذ سنوات طويلة تؤكد على أن الاتحاد العام يطلب مبالغ عالية لبيع الدوري لا تتناسب وأرقام سوق الإعلان، وإدارة القناة ترى أن الدوري بهذا السعر مع تكلفة التلفزة سيُدخل القناة في خسائر مادية مهولة لذا دائماً تجدها تميل للظفر بحق بث مباريات نوعية وتهرب من التلفزة الراتبة التي تقتضي مبالغاً ضخمة وتغييراً جذرياً في الخارطة البرامجية، الأمر الذي يغير من هوية القناة ويفقدها (روح التنوع) إن لم يحولها بث الدوري لقناة رياضية..!
* قناتا أم درمان والخرطوم لا تهتمان بأمر تلفزة مباريات كرة القدم، وقناة الشروق التي كانت لها تجارب مقدرة في الاهتمام بالشأن الرياضي ونقل مباريات للمريخ والهلال وأحياناً تلفزة دورات رياضية كاملة أضحت الآن (شاشة روتينية) لا تكلف نفسها عناء التجديد، ولا تشغل بالها كثيراً برفع درجة المشاهدة، وتبذل كل ما في وسعها لنقل الفعاليات الحكومية واللقاءات الرسمية حتى تظل بعيدة عن دائرة السخط إن لم تجد عند الدولة إشادة وتقدير، فالشروق لن تفكر في الدوري الممتاز ولا في غيره لأن القناة لا تطمح أن تكون (مركز اهتمام الناس) وتسعى أيضاً لتقديم خدمة متوازنة تنال بها الرضا الرسمي حتى لا تجد نفسها دخلت نفق التهميش، لذا فقد فضّلت الوقوف تحت الظل رافعة شعار: (دعوني أعيش)..!
* قصة (رفع الشارة) وفشل النقل والاعتذار المتتالي وسلسلة الإحراجات وعدم أتقان العمل أشياء ترفضها قناة (بي إن سبورت) لذا فإنها لن تقدم عرضاً جاداً ما لم يلتزم لها الاتحاد العام برفع الشارة لتلتقط الصورة دون الدخول في مسائل أولية تجاوزها الزمن..!
نفس أخير
* يبقى الدرس فقد انتهى (البث)!