أبشر الماحي الصائم

حبال بلا بقر


قيل والعهدة على الراوي إن أحدهم كان يحكي بصورة درامية، كيف أنه قطع المسافة بين الجيلي والسروراب على ظهر بعيره الذي لا يجارى، عندما استدركه أحد الحضور بقوله.. (وكيف عملت مع النيل؟) فقال صاحبنا مفزوعا (أنا أخوك إت أنا ما نسيت البحر)!!
* تداعى لي هذا الموقف الطريف، وأنا أطالع المكتسبات البناءة التي جنتها الحبيبة مصر من خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة، مقارنة بأولوياتنا المرتبكة التي قدمناها للمملكة في وقت سابق!! فنحن دائما نجيد (مسك البقرة من قرونها)!! وفي المقابل يمتاز (إخوتنا) في مصر من الإمساك بضرع البقرة!!
* كما لو أن تلك (اللافتة) الشعرية التي برع في تصويرها أحمد مطر قد أنشدت فينا ذات غفلة.. وما أكثر غفلاتنا.. يقول مطر ..
حلب البقال ضرع البقرة
ملأ السطل وأعطاها الثمن
قبلت مافي يده شاكرة
لم تكن أكلت منذ زمن
قصدت دكانه
مدت يديها بالذي كان لديها
واشترت كوب لبن
* قال لي رجل الأعمال الأخ أحمد الرشيد سعد الصوفي، ذات لحظة عالية اليقظة الوطنية قال.. إن ثمن الماء الذي نستهلكه في زراعة العلف الذي نصدره إلى الخليج.. أغلى مائة مرة من عائدات ذلك العلف!! فإن ثمن الماء العذب نفسه سلعة غالية لا تقدر بثمن، في هذا الزمان الذي ينهار فيه سعر النفط بالتزامن مع ارتفاع قيمة الماء والغذاء!! فنحن نكاد نمنح الأرض البكر والماء العذب بلا ثمن!!
* لا أعرف حتى يوم الناس هذا، لماذا قدمنا مشروعات السدود كأولوية قصوى للتمويل والاستثمار السعودي!!.. فحتى لو تجاوزت مشروعات السدود حالة الرفض الجماهيري في المنطقة والمنطق، وهذا لعمري تجاوز عسير، أنا أقول لو تجاوزت هذه العقبات فإنها تحتاج إلى خمس سنوات أخرى لكي تعطي، وشعبنا بالكاد (يبيت القوا)!!
فلو أننا استقدمنا من أمرنا ما استدبرنا لذهبنا مباشرة بتلك الأموال إلى مشروع الجزيرة، فكيف نبحث عن أراض توفرها لنا السدود بعد خمس سنوات، وبين يدينا مشروع الجزيرة ذو المليوني فدان وأراضي تعلية الروصيرص وغيرها كثير، كلها جاهزة الآن للإنتاج والتمويل!! اللهم إلا أن تكون قد اعترتنا واقعة صاحبنا لحظة تقديم الأولويات، التي فاجأتنا بها المملكة، (أنا أخوك إت أنا مانشيت مشروع الجزيرة وتعلية الروصيرص)!!
* وهي حكاية تصلح لها مقاربتنا المحلية تلك على سذاجتها، عندما تفاجأ أحدهم بليلة القدر، فبدلا من أن يطلب منها (بقر بلا حبال) دلالة عن الكثرة، فالربكة جعلته يطلب (حبال بلا بقر)!! والزول عليك أمان الله.. تقول الرواية.. حتى اليوم هو وأحفاده لاشغل لهم غير صناعة الحبال بعد الاستجابة الخطأ!! وليس هذا كل ما هناك.