مقالات متنوعة

محمد وداعة : أنقذوا .. جامعة مأمون حميدة!


كلما (استشهد) أحد طلاب جامعة مأمون حميدة في ديار (داعش)، إلا وتصدرت أخبار هذه الجامعة المشهد وتداولت سيرتها الفضائيات والأسافير، وتبعاً لذلك، يزداد ارتباط اسم السودان بأنه أحد معامل تفريخ (الدواعش) ، وبينما ينشغل بروفسير مأمون عن هذه الجامعة باستثمارات أخرى وبعمله كوزير للصحة، نجده لزاماً علينا إطلاق نداء لإنقاذ هذه الجامعة باعتبارها جامعة سودانية، ولها تأثيرها على المجتمع وعلى البيئة التعليمية في البلاد، وتخرج كوادر لهم تفاعل مباشر مع الفئات المجتمعية المختلفة، خاصة وأن الجامعة تضم ثلاثة عشر كلية في تخصصات حيوية.
ينص قانون جامعة العلوم والتكنولوجيا لسنة 2007م في المادة (2) على أن (يسري قانون تنظيم التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 1990م على جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا وتسود أحكامه في حالة التعارض مع أحكام هذا القانون)، وفي المادة (5) من ذات القانون (تعمل الجامعة في إطار السياسة العامة للدولة والمجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي بغرض خدمة المجتمع وتنميته)، وفي الفقرة (ب) من نفس المادة على (إعداد الطلاب وتأهليلهم للقيام بالمهمة القيادية والفكرية في مجالات المعرفة الإنسانية والمهنية والتقنية القادرة على الإسهام في النهوض بالمجتمع وتلبية حاجاته القومية…الخ)، في أعقاب التحاق أعداد كبيرة من طلابها بتنظيم (داعش) جرى نقاش كثيف حول منع الجامعة للنشاط الفكري والسياسي وإتاحته فقط للمجموعات المتشددة في مخالفة واضحة للمادة (6) من قانون الجامعة الفقرة (1) يتمتع أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم والطلاب بالجامعة بحرية الفكر والعقيدة والبحث العلمي في داخل الحرم الجامعي وقاعات الدراسة في حدود اللوائح المنظمة لذلك.. المادة (7) الفقرة (1) من قانون الجامعة تقرأ (يكون السيد رئيس الجمهورية راعياً للجامعة)، وفي الفقرة (2) من ذات المادة (لراعي الجامعة الحق في أن يطلب موافاته بالمعلومات المتعلقة بكل ما يتصل بالجامعة ويجب على إدارة الجامعة تقديم تلك المعلومات)، هذا النص ليس وقفاً على هذه الجامعة فكل قوانين الجامعات السودانية نصت على أن يكون رئيس الجمهورية هو الراعي لها، وله السلطة بتعيين رئيس الجامعة وإعفائه بناء على توصية مجلس الأمناء.
في البلاد (32) جامعة حكومية، و(14) جامعة غير حكومية، و(13) كلية، و(19) كلية تقنية و(10)، فلماذا تنفرد جامعة مأمون حميدة وحدها دون سائر جامعات بلادنا بتفريخ المتشددين (لداعش) وربما لغيرها، لا شك أن هناك خلل واضح، ربما في الإدارة، أو في البيئة التعليمية، أو في عدم إتاحة الحريات السياسية والفكرية وانتفاء التفاعل والتحاور بين الطلاب، وربما أسباب أخرى، هذه الجامعة ضررها أكثر من نفعها وبالذات فيما يتعلق بموقف البلاد ومساعيها للخروج من زمرة الدول الراعية للإرهاب، ولعل خطورة ما يجري تستدعي من الجهات المسؤولة إجراء دراسة شاملة وشفافة عن أحوال هذه الجامعة وتحديد طبيعة المشكلة والتي تجعل من طلابها مدخلاً سهلاً للتشدد وفريسة سهلة (لداعش)، ومن ثم تحديد خارطة طريق لاستعادتها لتكون جامعة سودانية كبقية الجامعات، اللهم ارحم ابننا أمير مأمون آخر (شهداء) جامعة مأمون حميدة ونعزي أهله ونقول كما قال والده (إن شاء الله، ابني أمير يكون آخر ضحية وربنا يخرج بقية البنات والأولاد بالسلامة).