رأي ومقالات

ليس مهما ان ترتكب حادثا لكن مهما الا تكون وضيعا


اليوم والصدفة وحدها – وهي صدفة مريعة – جعلتني شاهدا علي حادث سير إرتكبه سائق دراجة (موتر) إذ اندفع بوسط احد شوارع الاحياء كمن يفر من شبح مطارد لا يراه السابلة ؛ الذين التزموا ضيق الطريق يرسلون لعناتهم علي الفتي النزق ؛ لحيظات واندفعت من وسط الضجيج طفلة ؛ انفلتت من يد امها فواجهت القدر المندفع ؛ الفتي السائق وفي لحظة وعي وظف مهارة تنزلت عليه فاماط الصغيرة مثل وريقة عن مسار (الموتر) ؛ كان تصرفا لبقا منه خفف مصاب اللحظة فطارت الصغيرة كفراشة لتسقط براسها علي حجر ؛ تناثر الدم وصياح الحاضرين ؛ افلتت روابط الضفائر ؛ علت (باندا) من الصغيرة كوم للتراب سقطت عليه الام تغشاها غشاوات ظنون ان بنتها قتلت ؛ الصبي توقف لبرهة ثم اطلق ساقي دراجته النارية ؛ لا يلوي علي شي وقد احس بانه ارتكب جريمة وضاعف ذعره كتلة البشر التي هبت تطارده بنثار الحجارة وكل ما يقع بايديهم يطلبون قصاصا حاضرا ! ليحظات وتلاشي الجاني ؛ وهي ذات اللحظة التي وجدت الضحية قد مددت بمقعد سيارتي الخلفي ؛ وضعت كجثة وامها بذات الشاكلة ؛ نواح النسوة وعويل الرجال وذعر ارتسم في جوقة الحدث جعلني انا ايضا صريع الارتباك ؛تعثرت مرتين في بدء القيادة ؛دفعني احدهم عن المقود لاجد نفسي مسعفا اتغقد الصغيرة ؛ كانت (تنده) أباها حينا ومرات امها ؛ لم تكن تبكي ؛ كانت تئن ؛وتتمتم ؛مرات تفتح عيناها لاري ربما لاول مرة امامي الرعب يخرج من سواد عين ! امسكت يدها الصغيرة ؛ كانت متربة وعليها اثار قطعة حلوي تتشبث بها كما الحياة ؛ الام كانت تصحو فتصيح بجزع ؛ كانت تظنني الفاعل بالتباس لا مجال لفك عسرته تشد قميصي وتلطمني كأنني سفاح الم به انتقام ضحايا اجتمعوا عليه ؛ الراجح اني لطمت مرتين ؛ كانت كل لحظة تمر احس اننا نصارع في معركة الموت ؛ حينما وصلنا باب المشفي وهبطنا اضطر بعض الحاضرين لجري ايضا علي النقالة ؛ كنت ممزق الثياب ؛ دامي الملامح ؛ وربما دامع العين شاحب الوجه ؛ دفعت من يساعد ؛ وثرت علي منخار فضولي احسست به يدس انفه علي صدري يتفقد نبضي علي صدري ؛ بعد اجراءات ودقائق شرح كانت مثل الدهر تماسكت الصغيرة وامها ؛ للامانة وعكس ما يشاع كان طاقم الاطباء قمة في الاجتهاد ؛ بعدها استرخت اعصابنا ؛ سلم ولطف ؛ كان كل الامر رضة بالراس مع جرح يسير ؛ عجب امر هذا الشعب تدافع خيرون لا اعرفهم لحمل الصغيرة كأنها ابنتهم ؛ للاشعة ؛ وانجز بعضهم فريضة الدواء ؛ الام كانت مثل ملدوغ ؛ وقفت تتابع ما يحري ؛عرفت اليوم معني تحجر الدمع ؛ كنت اري دمعها مرسوما علي مقلتين لا يتقطر ! صار مثل قطعة رخام شفاف علي عينيها ؛ بعد نحو ساعة نهصت الطفلة تسير ووقفت انا ابحث عمن قاد سيارتي تلفت يمنة وبسرة فلكزني حتي احسست انها وكزة موسي للذي من غير شيعته ؛اسلمني الجزع لالام في كل جسدي؛ كان في ذاك الوقت نصف اهل الحي قد اصطفوا عند بوابة الحوادث ؛ بعضهم جاء بصغاره ونسوته ؛ من كل السحنات ؛ بيض وسمر ؛ التقطوا الصغيرة ببشر وثاب وهي في حيرة قوامها بعض ذعر لم يبارحها ؛ غادرت المكان ؛ وقد تكفل الحاضرين باخذ الام وبنتها للحي ؛ ومعهم صديقي ..سائقي وانصرفت انا وغيظ يعلوني علي فار ارتكب حادثة ؛ ليس مهما ان ترتكب حادثا لكن مهما الا تكون وضيعا

محمد حامد جمعة


‫2 تعليقات

  1. بارك الله فيك و جزاك خير فقط كنت منتظر اعتذار الام اليك بعدما عرفت التفاصيل . عند الله لا يضيع شى

  2. جزيت خير وبورك فيك هذا هو الشعب السوداني الذي يتفرد في كل شي حتى الحزن يكون جماعي بصدق … وما اشده من من الم لوالدة الصغير احسست بذلك الالم لان قد صار لي حادث مشابه له وابني بين يدي وانا اقود الموتر وفي لحظة لم اعي فيها شي ارتضمنا بالارض وطرت بعيد عن ابني نهضت مسرع بعد ان رايت ابني مدفون في التراب لا اشعر بشي في جسمي انتشلته وهو يصرخ وكان قلبي يتقطع الم وبعد ان نفضت التراب عنه تحسست جميع اجزاء جسمه ولم اجد غير جروح بسيطة وضربة في الراس لم تاثر ولكنها تنزف حمدت الله على سلامة ابني ولكنه فطر قلبي عندما سالني بابا انت بخير كدت ان اموت بهذه العبارة وهو ابن الثالثة حفظه الله وقتها لم ااشعر بجسمي الذي كان ينزف ووجهي المتورم ومكتفي مخلوع وملابسي ممزقة بعدها لم اقدر علي المشي مر بي سائق دفار واخذني الى البيت ومنها الي المستشفلى والحمد لله تماثلت للشفاء … قصتك هذه المتني حقيقة … شكرا نبيلا لك ولكل الشعب السوداني الذي لا يفرق في الحوادث بين من يعرفه ومن لا يعرفه.