مقالات متنوعة

محجوب عروة : ثم ماذا بعد القرار الشجاع للبشير؟


(مقدمة) عندما زرت ماليزيا بدعوة من رئيس وزرائها آنذاك محاضير محمد مع بعض الصحفيين العرب جلس الينا في حوار ً يتناول الطعام كانت مفتوح وروى لنا كيف أنه عندما كان صغيرا
ً قبل أن تشبع منه والطعام والدته تقول له قم من الأكل فورا في قمة اللذة).. لم أفهم مغزى حديث محاضير إلا بعد أن ترك
ً دولة من أعظم دول السلطة وهو في قمة عطائه وعليائه تاركا ..(ً
الآسيان والنمور الآسيوية وأكثرها احتراما
خلصت أمس إلى أن قرار الرئيس البشير بعدم الترشح لرئاسة
الجمهورية عام ۲۰۲۰ قـرار سياسي شجاع وعظيم حيث
ً للمادة ٥۷ من دستور ۲۰۰٥ التي
تنتهي ولايته الثانية وفقا
تقرأ كالآتي (أجل ولاية رئيس الجمهورية: تكون ولاية رئيس
الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ويجوز
إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب).. وانتهيت إلى سؤال ما هو
المطلوب من الرئيس البشير حيث أنني أرى أن تكون خاتمة
الولاية وما بعدها يجب أن تختلف عن سابقاتها ومن جميع
القرارات الشجاعة التي ذكرتها منذ التوافق على استقلال
ً
السودان بين دعاة الاتحاد مع مصر ودعاة الاستقلال تجنبا
لحرب أهلية متوقعة. ثم ما استعرضته من قرارات شجاعة حتى
مصالحتنا مع النميري واختيارنا العودة وعدم المعارضة من
الخارج التي تضع البلاد تحت الأجندة الخارجية الضارة.. وقد
قصدت من ذلك الاستعراض أن يستفيد الجميع من عبرها وليس
مجرد التغني بالمواقف حيث أنه بمجرد نيلنا الاستقلال أو قرار
الرئيس عبود بالتنحي أو النميري بإمضاء اتفاقية أديس أو
المصالحة الوطنية معه لم تستفيد جميع القوى السياسية من تلك
المواقف الشجاعة الإيجابية في إجراء حوار وطني شامل يكرس
الثقة بينها ويضع الأسس السليمة لسودان جديد ومتجدد يضع
ً لنظام مستقر ووطن متوحد وحكم رشيد
ً وأسسا
ً ثابتا
دستورا
وممارسة ديمقراطية راسخة ومستدامة يتبادل الجميع فيها
ً ً بدلا عما حدث عقب ذلك من صراعات ومكايدات
السلطة سلميا
وإحلال الصراعات الحزبية والشخصية الضيقة محل التوافق
على القواسم المشتركة والحد الأدنى الذي يوفر ما نصبو اليه
من ازدهار وتقدم. والسؤال الذي يجب أن نجيب عنه: هل يا
ترى كان ذلك بسبب فشل جميع السياسيين رغم التجارب التي
مروا بها وعدم اعتبارهم بما حدث لهم منذ الاستقلال أو لعدم
توفر قيادات دولة تتسم بالحكمة اللازمة والفهم السليم لما
يجب أن يكون عليه الحال ومستقبل البلاد؟ أو بسبب التدخلات
ً في منطقة الضغط
ً وعالميا
الخارجية لبلد ظل يقع إقليميا
السياسي المنخف أدى – وفق نظرية المفكر الجزائري مالك
بن نبي – إلى القابلية للاستعمار الجديد والتدخل في شؤوننا؟؟
ً.. إن الشعب السوداني يريد أن تتحقق
لعلها العوامل الثلاثية معا
أحلامه خلال السنوات الأربعة القادمة التي تنتهي فيها فترة حكم
الرئيس البشير ووعده بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ويتمنى
الشعب أن تتوفر الحكمة ويتحقق التعقل الذاتي عند الجميع
فتتناصر الإرادتان الحاكمة والمعارضة مع إرادة قوية للرئيس
البشير لإنجاح الحوار الوطني الحالي فتوقع كل قوى المعارضة
على اتفاق أديس أبابا الأخير يقابله التزام الرئيس الذي وعد به
بتنفيذ مخرجات الحوار فينخرط الجميع في إكمال الحوار وليته
يكون داخل السودان فكفانا التدخلات والأجندة الخارجية فهذا
ًهو السبيل الوحيد لاستبعاد الحلول الأجنبية التي ساهمت أيضا
ً أن تحرسنا
ً وطنيا
ً وضعفا
في هذا الواقع المأساوي.. أليس عيبا
قوات من الخارج ونحن الذين ظللنا منذ استقلالنا نساعد الآخرين
في حل مشاكلهم؟ لقد دقت ساعة العمل الوطني المحترم فلنعيد

سمعتنا الزاهية التي فقدناها بتصرفاتنا ستين عاما