حسين خوجلي

منــــوعــــــات


< الدكتور عبد لله حمدنا لله الخبير في الثقافة السودانية والمصرية هذا الاستاذ بالرغم من تجرده وعلميته فان له حب مشهود للكنانة ورموزها يكاد ان يصحي وينام علي شعاره الاثير (في حب مصر كثيرة العشاق) < من حكاياته الطريفة المترعة بالشجن حكاية زيارته للرئيس المصري الراحل محمد نجيب ومعه مجموعة من السودانيين يخبرونه بمرض الوحدوي والسياسي السوداني الراحل الدرديري احمد اسماعيل . وقد جزع الرجل جدا حين سمع بمرض الدرديري وصار يداوم علي زيارته بالمستشفي في اخريات ايامه حتي اسلم روحه الطاهرة .. وفي لحظات الفقد والوفاة المفجعة كان نجيب ينتحب في اسى ويبكي في صوت له نشيج ووجيب قائلا في نبرة متقطعة (لقد خربتم) ايها السودانيون قلبي (بالحنية) والاشفاق وذهبتم بعيدا وتركتموني وحيداŒ . كان يقولها بمصرية سودانية دفيئة ويبكي مليا ويبكي السودانيون من حوله بلا انقطاع وتطل ذكريات الوحدة والتكامل التي قطعتها الشعوبية البغيضة. حنين السودانيين هذا (وحنيتهم) تلك افسدت عليهم صباحاتهم ولياليهم هذه الايام .. < واقوى تعبير على هذا الشجن القومي ما نشهده هذه الايام في كل بيت سوداني من مآتم جهيرة او مكتومة لكنها مقيمة ومخيفة وراعفة . اصبح السودانيون قليلي الكلام كثيرو الصمت والسهو والسهاد والسهر .. عادوا لعادة البكاء السري والانكفاء والتلاوم . واعادت القصائد الرثاء والاغنيات الفجيعة السودانيين للشجن الاليم هذه الايام لقد دخلوا بها زرافات ووحدانا في حزب العاطفة الحارة هذا الحزب الذي يؤازر العراق ظالما ومظلوما واقلية لها علم وسعة ولها بلاغة وتعرف الصواب الصراح ولكنها كما يقول محمد الغزالي لكنها برغم هذا باردة الانفاس بادية الجفوة غليظة القلب تكاد تتمني العثار لغيرها كي تندد باغلاطه وتستعلي بما اؤيت من ادراك للحق وبصر بمواضعه من كتاب وسنة .. < وما اقسي كلمات الرجل حين يختصر ويفيد ان ما يغيظني من اصحاب العاطفة ما يغلب عليهم من جهل وما يشين غيرتهم من عكوف علي الخرافات هل رأيتم سادتي كيف تكاثرت كتيبات النبوءات الكاذبة والتوقعات الخائبة هذه الايام كي تجد تفسيرا لسقوط اصحاب الرسالة واعتلاء العلوج .. لقد صدق الشيخ حين قال يغيظني منهم عجزهم عن استيعاب الاحكام التي استعلنت في دين الله ادلتها واكتفاؤهم بحب سلبي طائش . ولا نخفي مثلما لا يخفي غيظه من الآخرين القلة في استكبارهم بما هدوا اليه من صواب في بعض الاحكام العقيدية والفقهية واستهانتهم بآفات وفراغهم من حرارة الاقبال علي الله والحنو علي عباده .. < يا للحيرة فالامة اذا يا سيدي هي ما بين عاطفيين سذج وما بين متعالمين باردين .. < يا للحيرة اذا اين هي يا تري الجماهير التي ستصنع المشروع النهضوي الذي يحرق اودية الهزيمة الغبراء ويزرع سنابل الكفاية والعدل الخضراء المثمرة يا للحيرة واذا كانت الاجابة في امر هذا الاعتقال النفسي القسري الذي طال بحيث لا يجد له اجابه الكبار والعلماء والمفسرون .. فكيف يخرج اهل العاطفة والدهماء من اسر الهزيمة والانكفاء .. غير اني اجد تفسيرا للقادم الابهي لانني اجد الجماهير والجماهير كتلة عارفة وشجاعة وهي بالطبع ليست الغوغاء والدهماء واللصوص في شئ انها تلك الجماهير التي فيها نفس من بشارة المصطفي حيث لا تجتمع امته علي ضلالة وان هذا الامر بالغ الليل والنهار .. < انها بشارات التوكل التي ستحرق قطعا احراش اليأس الذي يحاول ان يزرعه المارينز في الصحاري والعقول واني لهم .. ورغم هذا فان قليل من الحزن والبكاء والشجن واعتصار الكبد مفيد لتحريك الساكن واكساب الجرأة التي تعطي للمقهورين الجرأة للبصق علي اوجه الطغاة والاصنام والمجنزرات . < لا بأس في قليل من الحزن وعميق الاسي والوجع الذي يعطي الحق للناس ان يحلموا بالدولة الشاهدة العصية التي تبلغ القمر وتبلغ التوحيد وتقهر الظلمة ولا بأس للاحلام ان تتقاصر وان تتقزم حتي يصير جدل السجون ما يبوح به المظلومون اطلالة وحمام وشرفات . حيث قال المعتقل لزميله في الزنزانة عندما يفرجون عني سوف ابني لنفسي بيتا محاطا بالشرفات تدخله اشعة الشمس من كل زواياه نوافذه دانية وواسعة سجاده ملون جدا اسرته من الاسفنج الكثيف يزدحم بالكتب وبالموسيقي وبالدفاتر والاقلام وبالضيوف وبالصابون المعطر ومن مواصفاته الهندسية انه يمكن الهرب منه < قال الشاهد ان اهلي من عرب اللحويين بعد كرري رأى جرحاهم الكفرة والخواجات والباشمرقا يستبيحون ام درمان فتحلقوا حول الشيخ التكينة الجد وسألوه الفتوي فقال ان المسلم الحق لا يحق له ان يساكن الكافر الغازي الا لكي يترصده ويقتله .. فان لم يستطع فعليه بالهجرة وهذا وحده التفسير الجغرافي لوجود بعض هؤلاء العرب علي حدودنا الشرقية البعيدة.. بعد ان اترعوا الجبل بالشهداء اما العراقيون فقد استفتوا التكينة النجفي فقال لهم انكم ان هاجرتم لسوريا فان واشنطون ستدركها وان بقيتم في العراق فان اعينكم ستمتلئ نهارا بعضلات المارينز وليلا بقنوات الافلام الزرقاء .. < من هو الرئيس العربي اذاً الذي يملك الجرأة لكي يقول لشعبه وامته اننا قد دخلنا في مرحلة الاستعمار القاسي الجديد ولن يسأله احد جهادا. < قال صديقي المرتضي ان امام مسجدهم بالحارة بكى في الخطبة الثانية وقال متى البعث او متى الموت يا رب الموت والبعث .. وليس له ما تمنى فهذه ايام اعمار الكلاب الطوال لكي يرى وما اخبث ما يرى فهل وجدها ابو الطيب امام الابداع حتى يجدها امام الحارة كفى بك داء ان تري الموت شافيا وحسب المنايا ان يكن امانيا تمنيتها لما تمنيت ان تري صديقا فأعيا او عدوا مداجيا اذا كنت ترضي ان تعيش بذلة فلا تستعدن الحسام اليمانيا ولا تستطيلن الرماح لغارة ولا تستجيدن العتاق المذاكيا فما ينفع الاسد الحياء من الطوي ولا تتقي حتي تكون ضواريا