مقالات متنوعة

محمد سيد احمد : مشروع المنظومة الخالفة المتجددة يجمع الشيخ السنوسي ود. غازي في حديث مشترك عن المرحوم الترابي


> في دلالة ذات مغزى بعيد المدى في النظر للمستقبل المحتمل بالنسبة للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، بعد أن رحل زعيمها التاريخي وملهمها ومرشدها وشيخها الجليل الزعيم الوطني والمفكر الإسلامي الكبير المرحوم حسن الترابي عن الدنيا الفانية الى الدار الآخرة الخالدة، استضافت أمانة الإعلام والعلاقات العامة بالاتحاد الشبابي السوداني أمس، كلٌ من الأمين العام المكلف لحزب المؤتمر الشعبي الأستاذ إبراهيم السنوسي ومؤسس حركة الإصلاح الآن رئيس تحالف وتجمع قوى المستقبل للتغيير د. غازي صلاح الدين للحديث عن تجربتهما مع الراحل الترابي. > وقبل الشروع في التطرق لما أدليا به والطرق عليه، فإن الدلالة ذات المغزى البعيد المدى، التي أشرنا إليها، إنما تتجلى شاخصة وصارخة وماثلة، في إحدى جوانبها كما نرى، في الحقيقة المتمثلة في أن الأستاذ السنوسي، الذي يُفضل وصفه بأبي الشهيد مصعب، قد ذكر إنه كان قد اختلف مع الراحل الترابي، وانضم الى المجموعة التي ابتعدت عنه، نتيجة لما حدث لدى انعقاد مؤتمر أبريل 1969 الشهير للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، في تلك الحقبة الوطنية التاريخية المفصلية والفاصلة السابقة بصفة مباشرة لاستيلاء التيار العلماني واليسار الوطني السوداني، بما فيه الحزب الشيوعي، على سدة مقاليد الحكم والسلطة بانقلاب عسكري ثوري أقدم على القيام به في الخامس والعشرين من مايو 1969، وذلك على النحو الذي أدى الى التحدي الشديد الوطأة والبالغ الحدة الذي تعرضت له الحركة الإسلامية السودانية الحديثة حينها، مما أفضى الى أن يعود السنوسي الى الاتفاق مع الترابي، ثم يظل متفقاً معه، ولصيقاً به، ومقرباً منه، ومدافعاً ومنافحاً عنه، ومقتنعاً بالآراء والأفكار التجديدية والتأصيلية المغايرة التي ظل يدعو لها، ويبشر بها، ويتمادى في التضحية المتفانية في العمل من أجلها وفي سبيلها، الى أن رحل عن الدنيا وهو داخل مكتبه، بعد أن أوصى بمنظومة خالفة مواكبة ومتجددة، أطلق الدعوة لها حتى تتمكن الحركة الإسلامية السودانية الحديثة والمعاصرة من الاستمرار في مواصلة مسيرتها الظافرة والهادية والمهتدية والهادفة للنهوض بالأمة السودانية وجوارها ومحيطها الإسلامي العربي والإفريقي والآسيوي والعالمي على المستوى الحضاري والإنساني في الصعيدين الإقليمي والدولي. أما د. غازي صلاح الدين الذي كان قد وجد نفسه مضطراً بحكم منصبه الرسمي، كوزير للإعلام، لتولي المسؤولية الضاغطة والمباشرة في التصدي الإعلامي العنيف والشديد الشراسة في المناهضة المحتقنة والمحتدمة في المواجهة البالغة الحدة مع الراحل الترابي، وذلك على النحو الذي جرى في أواخر القرن الميلادي الماضي، لدى حدوث ما يسمى بالمفاصلة الصعبة بينه وبين السلطة الحاكمة الراهنة، والمؤسسة من قبل الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة بانقلاب ثوري مدني وعسكري أقدمت على القيام به، مفلحة وناجحة، في الثلاثين من يونيو 1989، فقد ذكر إن ما حدث حينها، في تلك المواجهة الشرسة والبالغة الحدة والشديدة الوطأة، لم يكن سوى مجرد صراع وخلاف واختلاف سياسي، يظل ويبقى محدود المدى بطبعه، ولايرقى الى الدرجة التي تصل الى المقاطعة الكاملة والشاملة في تراجعها عن الأصول والجذور الإسلامية الخالدة والهادية التي ينطلق منها ويحرص عليها ويتمسك بها كلا الطرفين اللذيْن كانا منخرطين في تلك المفاصلة لدى السقوط والوقوع فيها، والانزلاق والانجراف إليها، والانحراف للسماح بحدوثها آنذاك. > وهكذا فقد تجلت روح الراحل الترابي سافرة، وأظهرت مدى ما لديها من قدرة تظل راسخة وكامنة ودافعة للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة في ما يتعلق بالنظر الى المستقبل المحتمل بالنسبة لها وآفاقها المفتوحة التي أعرب كل من الأستاذ السنوسي ود. غازي عن اعتقادهما وإيمانهما بأنها مبشرة ومؤكدة لوجود تفاؤل بشأنها لدى كل منهما، اذا ما تمكنت الأطراف المعنية بذلك من الارتقاء الى التطلعات التي سعى لها المرحوم الترابي، وأفنى عمره وما حباه الله به من طاقة حيوية فاعلة في العمل من أجلها والتمادي في سبيلها برؤية ثاقبة وبصيرة نافذة وإرادة واعية ويقظة صلبة ومتقدة. ونواصل غداً إن شاء الله…