احلام مستغانمي

في انتظاره !


مرّت أشهر وهي تكابر، تنتظر أن يهزمه الشوق ويطلبها. في انتظار دقّة هاتف منه نسيت أن تعيش. ثم، بدأت تراه يموت حقًا، وكذلك رقم هاتفه.
الأرقام تموت بموت الإحساس بأصحابها. تموت عندما تبدأ أرقام ذلك الرقم الهاتفي الذي كنّا نحفظه وننسى رقمنا، بالتساقط الواحد تلو الآخر من شجرة الذاكرة، لتترك مكانًا لأرقام خضراء أخرى معلنة بداية ربيع حبّ جديد. لكنّ قلبها كان يأبى أن يغادر الشتاء، ويتشبّث بأوراق الماضي الصفراء، كان مازوشيًّا!
إذًا، ستشرع بإعلان الحرب على كل ما يتشبّث به قلبها من أصفاد، بدءًا بجهاز الهاتف الذي أهداه إليها. لا تريد هاتفًا ثمينًا لا يدقّ، بل هاتفًا بسيطًا يخفق، الأشياء الفاخرة تنكّل دائمًا بأصحابها. ما نفع موسيقى الدانوب الأزرق التي غدت تؤذيها حدّ البكاء؟ تريد سماع رنّة عاديّة، قلبها، لا الهاتف، من يعزف سمفونية لسماعها. عليها أن تتخلّص من كلّ شيء كان جميلًا، وكانت ذكراه الأغلى على قلبها.
في الحبّ، كلّ هبة مكيدة، وكلّ شهقة فرح، هي مشروع تنهيدة، وكلّ رقم هاتفي يحمل من المكر بعدد أرقامه.
تلك الأرقام التي تأبى يدك أن تطلبها، وترفض ذاكرتك أن تنساها.
” الأسودُ يليقُ بكِ ”