صلاح حبيب

أيام في “أديس” (2 و 3)


أيام في “أديس” (2)
يعد سد النهضة حلم الحكومة والشعب الإثيوبي ولن يتنازلا عنه مهما كلفهما الأمر باعتباره المشروع الذي يخرجهم من دائرة الفقر، والفقر عدو الإنسان الأول لذا عملت الحكومة والشعب بهمة عالية. ومن خلال وقوفنا على الأعمال التي تجري فيه ونحن وفد من الإعلام السوداني يمثلون صحفاً ووكالات أنباء وتلفزيونات، بغرض مشاهدة ما يجري فيه بعد الحرب الكلامية التي صاحبت أعماله خاصة من الإعلام المصري.
تجولنا على أعمال السد بجنباتها المختلفة بصحبة المدير التنفيذي للمشروع المهندس “سانجو” وهو من الشباب الإثيوبيين، الذي وقف على تنفيذ عدد من السدود الصغيرة بإثيوبيا منذ العام 1998.
السد الآن بانت ملامحه ولفت نظرنا أن العمالة الإثيوبية تمثل الغالبية العظمى فيه، بينما هناك عمالة أجنبية تقدر بـ(375) مما يؤكد رغبة الحكومة الإثيوبية والشعب في التنفيذ وطنياً.
المهندس “سانجو” قال ليس هناك مستحيل عند الشعب الإثيوبي، والسد سيساعدهم في خروج المواطن من دائرة الفقر. وقد شاهدنا فقراً واضحاً وبائناً في هيئة المواطن وفي عيونهم، ولذلك هم مجتهدون أن يكون لإثيوبيا دور مهم في المنطقة في المرحلة القادمة، من خلال السد أو من المشاريع التي يجري تنفيذها.
إثيوبيا تشهد نهضة كبيرة جداً في كل المجالات فقد أنجزت مشروع القطار الداخلي والعابر إلى الدول المجاورة خلال ثلاث سنوات، والآن المواطن الإثيوبي يتمتع بخدمة مواصلات سهلة ورخيصة إضافة إلى مشروع الإسكان الشعبي، وهو ينفذ بواسطة المهندسين الشباب، وكل الأعمال والمشاريع التي يجري تنفيذها تتم عبر الشباب، فمشروعات الإسكان قد اكتملت بنسبة عالية جداً وستسلم المساكن للمواطنين خلال فترة وجيزة، وهي (145) ألف مسكن تملك للمواطنين بأقساط تمتد لخمسة عشر عاماً. وهي خطة طموحة تقوم بها الحكومة الإثيوبية لإنهاء المساكن القديمة وسط العاصمة “أديس”، ولذلك تم تنفيذ المساكن خارج العاصمة ومن ثم هدم المباني القديمة وتحويلها إلى مبانٍ ثابتة ومتعددة الطوابق. ويقال إن “أديس” خلال العام 2020 ستكون أجمل العواصم الأفريقية وليس هذا ببعيد، طالما هنالك نهضة تنتظم البلد كلها ويشارك فيها الشعب بنفسه.
.
أيام في “أديس” (3)
تشهد أثيوبيا نهضة وتطوراً في كل المجالات خاصة البنى التحتية، ورغم الفقر الذي يعيش فيه الإنسان، ولكن عندما تنظر للنهضة الكبيرة لا تحس بما يعانيه هذا المواطن،
فـ”أديس” مدينة هادئة والشارع العام في قمة الانضباط والمواطن في حاله كل يعيش بطريقته.
لفت نظري تولي الشباب تنفيذ المشاريع الكبيرة، ولا يتجاوز أولئك الثلاثين أو الأربعين من عمرهم، فالمهندس المسؤول عن تنفيذ السد في الأربعينيات من عمره، أما المسؤول عن تنفبذ مشروع القطار ففى الثلاثينيات من عمره قد نفذ المشروع خلال ثلاث سنوات، والآن القطار يعمل بكفاءة عالية وشارك المواطن في تحديد الألوان التي تميز كل قطار، فاللون الأزرق يتجه لمنطقة محددة، أما اللون الأخضر لجهة أخرى كل العاملين فيه من الشباب، أما مشروع الإسكان الشعبي فهو لا يقل أهمية من المشاريع الأخرى رغم أنه الأهم لاستقرار المواطنين، فقد شهدنا اكتمال العديد من البنايات ذات الطوابق المتعددة لإسكان ما لا يقل عن (145) ألف مواطن في المرحلة الأولى، وتمنح الشقق للمواطنين بأقساط تصل عشرات السنين، وهناك (270) ألف وحدة سكنية أخرى ستوزع للمواطنين بعد اكتمال البنية التحتية لها من كهرباء ومياه ومراكز صحية ومدارس.
عندما شاهدت هذا الإسكان الشعبي
والإسكان الشعبي الذي يقف على رأسه صندوق الإسكان والمناطق التي منح فيها الإسكان الوادي الأخضر والحارة مية وغيرها من المناطق، تمنيت أن يزور الأستاذ غلام الدين مشروع الإسكان الشعبي بـ”أديس”، أما مشروع الترام أو القطار الذي سمعنا به منذ عشرات السنين، لطلبنا أيضاً من الباشمهندس “مكاوي محمد عوض” أن يقف على تجربة القطار الأثيوبي الذي نفذ خلال ثلاث سنوات فقط.
“أديس” تغسل صباحاً ومساء بمطر السماء التي خلقت جواً بديعاً ساهم في طبيعة المواطن المتسامح.
تنهض الدول عندما تشرك الحكومات شعوبها في كل شيء وتوظف الأموال في الأغراض المخصصة لها، وعدم توظيف الأموال في مكانها هو السبب في تراجعنا للوراء كثيراً
وإذا أردنا أن نلحق بركب الأمم ، لا بد من إستراتيجيات واضحة يتم تنفيذ أي مشروع في الزمن المحدد، فدول كثيرة كنا نتقدمها الآن نجد أنفسنا متواضعين أمامها وما زال الوقت موجوداً لنلحق بها، فقط نحتاج للهمة والضمير الحي.