مقالات متنوعة

محمد وداعة : الاقتصاد يتهاوى


بالأمس هناك حديث عن تخطي الدولار (14) جنيه، وتبعاً لذلك ارتفعت أسعار السكر وبقية المستهلكات الغذائية، وتوقف البيع في مواد البناء والأجهزة الكهربائية وتذاكر الطيران، والأسواق وحركة البيع والشراء أصابها الشلل التام، فإذا صح أن الدولار قفز من (12) جنيه إلى (14) جنيه في أسبوع واحد بنسبة (12.5%) وهي زيادة غير مبررة ولا يمكن توقعها ولا تعرف أسبابها، وهي زيادة لا يمكن لأكثر المتشائمين أن ينتظرها ولا ينتظر حدوث مثلها في أي دولة، ويصبح الوزير فيها صامتاً، لا يبرر أو يفسر ما يحدث، ولا يفكر حتى أن (يكشكر) أو يلوح باستقالته، ولا الجهات المسؤولة في البرلمان أو الحكومة تكلف نفسها عناء استفساره عن أسباب هذه الكارثة فهذا لجد كارثة أكبر من الارتفاع المفاجئ، اللهم إلا إن كانوا على دراية بالأسباب وربما هم من يقفون وراء تصاعد الدولار. استقرار سعر الصرف مسؤولية الحكومة قامت عليه افتراضات الميزانية، وتجددت بموجبه مؤشرات الاقتصاد الكلي نظرياً، لأنه أصلاً يعاني من اختلالات هيكلية جوهرية، إن اتساع الشقة بين السعر الرسمي للدولار (6.4)ج، والسوق الموازي (14)ج، في كل تاريخ السودان ومنذ الاستقلال لم تبلغ الضعف، وهي الآن أكثر من ذلك، وهذا مؤشر خطير في أداء سياسة النقد الأجنبي، وتأكيد على فشلها، وحتى بعد ما أسماه السيد وزير المالية تجاوز صدمة انفصال الجنوب، فإن سعر تحويل الدولار لم يصل لهذا المستوى، ما يزيد عن أسبوعين تحرك الدولار للأعلى ولم نلحظ أي إجراءات حكومية لكبح جماحه، وكأن بالسيد وزير المالية وحكومته لا يكترثون لما يحدث لأنهم لا يطأون الجمرة. الحكومة سكتت دهراً وستنطق كفراً، وستلجأ لإجراءت لن تفلح في إصلاح الوضع الاقتصادي، الحكومة أمامها خياران مترافقان أحلاهما مر، تعويم الجنيه وزيادة الأسعار، أسئلة يحتاج الشعب السودان أن يسمع إفادات حولها، أين الدعم السعودي والخليجي، والودائع القطرية؟ أين حصائل الصادرات، الذهب والمعادن التي نسمع عنها كل يوم؟ بالأمس أجاز مجلس الوزراء اتفاقية قرض بين السودان والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ (200) مليون دولار، تخصص للمساهمة في تمويل مشروعات ري الروصيرص، أي مشروعات؟ وأين ذهبت التمويلات السابقة لذات المسميات؟ أليس لمثل هذا الخبر دور في إبطاء تسارع الدولار إلى أعلى؟ أحاديث كثيرة غريبة وعجيبة عن حقيقة ولاية بنك السودان على احتياطيات الذهب والنقد الأجنبي والسيطرة عليها، وأحاديث أخرى عن تغول جهات سيادية على صلاحيات بنك السودان، إن ما يجري ليس له إلا تفسير واحد هو أن الحكومة بشركاتها وواجهاتها العديدة هي من تحدد حجم الطلب على الدولار، وليذهب الشعب إلى الجحيم.