مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : إثيوبيا في الألفية الثالثة


> ليس سد النهضة وحده ما يثير فضولك لتراه بأم عينك بعد أن وجد تغطية إعلامية كان الدور الفعال فيها الجهة المعترضة حتى الآن على بنائه.. بل هناك ما هو أهم من حيث اللحاق بركب العالم المتقدم. > الطيران الاثيوبي.. والعمران الذي حول أديس أبابا إلى غابات أسمنتية لتتناقص مباني الصفائح.. وانطلاق ثورة تعليمية تجد معها حتى الصبيان في أعمال مختلفة يقوم بها أبناء الأسر الفقيرة يتحدثون الإنجليزية. > إثيوبيا فيها مائة مليون مواطن تقريبًا ومياهها الغزيرة التي تتدفق في نهر الاباي أو نهر النيل الازرق كما يسمى هنا لا يستفيدون منها حتى في السياحة والشرب.. ففي محيطه لا توجد مدن وقرى .. فهو في مناطق جبلية وعرة. > ومشروع النهضة المتكاملة الذي ينتظم البلاد يقوم انجازه على التنمية البشرية والريفية والبنى التحتية الأساسية.. ومنها الآن التعليم التقني وبناء السدود لغرض وحيد هو توليد الطاقة الكهربائية. > ظهرت في إثيوبيا في الألفية الثالثة إنجازات عظيمة في مختلف المجالات.. كان الحماس لتحقيقها قد بدأ منذ إطاحة الرئيس السابق منقستو هايلا ماريام. > الرئيس السابق منقستو كان يدمر المدن الاريترية بالأموال التي كان من المفترض أن توجه للتنمية والخدمات والأمن الداخلي.. لكنه خاض بها الحرب مع الإريتريين ليستمر في حكمهم بالقوة. > في السودان أيضاً كان لابد من انفصال الجنوب منذ مجازر أحداث توريت في الثامن عشر من اغسطس عام 1955م. > وهنا نجد المناسبة للحديث عن ضرورة انفصال جنوب السودان في وقت مبكر رغم أن الفرق كبير جداً بين الانفصالين.. انفصال جنوب السودان وانفصال إريتريا. > فبالنسبة لجنوب السودان، فإن الحكومات كانت تريد حسم التمرد مع استمرار الوحدة لتنفيذ برامج التنمية التي حرم منها الاحتلال البريطاني مناطق جنوب السودان. > أما بالنسبة لاريتريا، فإن أيام حكم منقستو في اديس ابابا لم تهتم الحكومة الاثيوبية وقتها بتنمية ونهضة حتى العاصمة والمدن الكبرى الأخرى رغم الموارد المالية التي تتحصلها الحكومة منها. > وقد كان هذا اكبر محفز لخوض الإريتريين حرب تقرير المصير. وقد كان عدده مليون نسمة تقريبا.. وعدد الاثيوبيين وقتها بدون إقليم تقراي كان قرابة الخمسين مليون نسمة. > قلنا بدون إقليم تقراي لأنه هو الآخر كان يريد الانفصال عن دولة فاشلة في كل شيء كان يحكمها منقستو. > كان يقود حرب الانفصال أو حرب تقرير مصير تقراي ملس زيناوي رئيس حكومة اديس ابابا السابق .. وهذه مفارقات طبعاً. > لكن بعد إطاحة منقستو انتفى عند جماعة وعشيرة زيناوي سبب الحرب ودخل أديس أبابا حاكماً.. وقاد عمليات التخطيط التنموي وآخرها مشروع سد النهضة. > ومشروع سد النهض طبعاً سيقدم خدمة إمداد التيار الكهربائي، وقد يسهم في انشاء مدينة سياحية يشقها نهر الاباي أو نهر النيل الأزرق. > والطريف جداً أن زيناوي بعد رحيله طالب أهله التقراي بأن يكون خليفته أخاه.. لكن قيل لهم إن الراحل ليس له أخ.. فقالوا نقصد أخاه البشير. > هنا في أديس أبابا تستطيع أن تلمس انجازات تحققت بصورة إعجازية حتى لو كنت زائرَا لأول مرة .. فدولة كادت تتفكك إلى دويلات في كل واحدة قبيلة واحدة تكون هي المسيطرة وحدها .. أصبحت تنافس كثيرًا من دول العالم في مجالات مختلفة أهمها الطيران. > الألفية الثالثة هي عهد تقدم إثيوبيا.. وعهد إعادة صياغة الشعب الاثيوبي بما هو نهاية التأريخ.. فلو كانت هنا في اثيوبيا حضارة أكسوم، فقد كان هناك في شمال السودان حضارة النوبة وهي الأقدم.. وكرمة أول مدينة في العالم. غداً نلتقي بإذن الله.