مقالات متنوعة

موسى يعقوب : المستجدات التي ضربت السياسة الأمريكية


في مشهدنا السياسي الأخير كان السؤال.. وأين الأحزاب المعارضة السودانية من الحراك الإيجابي الأخير والذي ذكرناه بالتفصيل تقريباً، واليوم يأتي الحديث عن السياسات الأمريكية والمستجدات التي ضربتها بعد العولمةGlobalization في آخر عقد الثمانينيات في القرن الماضي والاتحاد السوفيتي ينهار. وفي بداية العام 2001 الذي شهد الحادي عشر من سبتمبر منه أحداث انهيار البرج العالمي في نيويورك.
ففي بداية العولمة كان الشعور بأن “الولايات المتحدة الأمريكية” هي القطب العالمي الأوحد وكذلك ثقافتها ومعطياتها الفكرية والاقتصادية، غير أن ظهور جمهورية “الصين الشعبية” وتعافي الاتحاد الروسي كان لهما خصمهما على دعوى القطبية العالمية الواحدة.
وليس ذلك فحسب، وإنما السياسات والتحركات غير المنصفة والسليمة كان لها الدور الأكبر في المستجدات التي ضربت السياسة الأمريكية منذ إدارة الرئيس الأمريكي بوش (الابن) في دورتيه الأولى والثانية وإلى الرئيس الحالي “أوباما” الذي تفاءل به البعض خيراً وسبق له أن منح جائزة (نوبل العالمية)، إلا أنه لم يحقق ما كان ينتظر منه وهو الذي عُد جديداً في الطاقم الرئاسي الأمريكي.!!
لقد سار الرئيس “أوباما” على طريق الرئيس “بوش” وحزبه الجمهوري في الحرب على ما دعوه الإرهاب بكل ما ترتب عليها ونتج منها من عواقب هي الأسوأ في سياسة من يدعي الديمقراطية والحرية والسلام والقطبية العالمية.
ونذكر هنا تحديدا ًودقة.
ضرب الجمهورية العراقية برئاسة الرئيس “صدام” وتدميرها وجعلها باباً للصراعات القبلية والعقدية ولأسباب ثبت عدم صحتها.. والقيام بها لأسباب خاصة تهم أمن ومصالح الدولة العبرية (إسرائيل).
وقد كانت لتلك الضربة وما تزال مردوداتها السالبة على القطب الأمريكي عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً. فما قام به في العراق لم يمكنه – فيما بعد – من القيام بدور فاعل في الأزمة السورية ذات الأبعاد المختلفة إنسانياً وأمنياً.. ذلك أن للقطب الروسي دوره المعروف في العلاقة مع الرئيس “الأسد”.
والتداخلات العقدية والمذهبية التي نشطت في العراق جعلت أصدقاء “الولايات المتحدة” في المنطقة يضيقون ذرعاً بتلك النزاعات الداخلية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لها يدها في ذلك وتستغله لمصلحتها ليس في “العراق” وحدها وإنما “سوريا” و”اليمن”.
ووصول وزير الخارجية الأمريكي هذه الأيام إلى “المملكة العربية السعودية” واللقاء بالزعماء الخليجيين الآخرين لا يصب بعيداً عن ذلك، فهو الفاتح إلى العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الطرفين.. وإن غاب النفط (سعراً) عن المشهد ..!
المعروف الآن في المحيط الإسلامي أن السياسة الأمريكية تواجه رفضاً وعدم قبول، ونذكر يقيناً ما جرى مؤخراً في المؤتمر الإسلامي بالعاصمة التركية “اسطنبول”.. والذي عبر عن رفضه لأمرين:
* السياسة الأمريكية في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية والتعدي على الحرمات في الأرض.
*والحصار الاقتصادي الأحادي على السودان والذي لا مبرر له، بل له مخاطره وأضراره على المواطن السوداني.
وليس هذان الأمران وحدهما ما يشار إليه في السياسة الأمريكية التي تواجه المستجدات، فالمحكمة الجنائية الدولية التي تدعمها “الولايات المتحدة الأمريكية” وتقف خلفها، وهي غير الموقعة على ميثاقها أسوة بـ”إسرائيل”، تجد مواجهة ورفضاً الآن من الكيان الأفريقي الذي يجد فيها عصى لتهديده..!
مع ذلك فإن المستجد الأكبر في مواجهة الجنائية وسياسة العصا التي تعمل بها “الولايات المتحدة” نجده في مواطن دارفور كذّب ورفض دعاوى الجنائية الدولية ومساندة الولايات المتحدة للجماعات المتمردة في دارفور.. وذلك عبر ما حدث من لقاء للسيد رئيس الجمهورية وهو يزور ولايات دارفور واعتراف بالأمن والاستقرار في المنطقة، علاوة على ممارسة الحق الدستوري والديمقراطي في الاستفتاء الإداري بحرية ونزاهة.
فالخيار الأمريكي في دارفور كما في خيار العراق وتدميره – خيار غير موفق وجلب على القطب الأمريكي موجات الرفض والاستنكار لما اتخذ من قرارات عادت عليه بالسالب، وإن بدا عليه الآن بعض مظاهر التراجع كما جاء في تصريحاته الأخيرة من أن (الأخوان المسلمين) ليسوا بإرهابيين..!