صلاح حبيب

ما بين صحافة مايو والإنقاذ (13)!


نواصل الحديث عن صحافة مايو وصحافة الإنقاذ، ففي العام 1997م أرادت الإنقاذ أن تكون لها صحافة مميزة فكان الأستاذ “أمين حسن عمر” المستشار الصحفي لرئيس الجمهورية، يرى أنه لا بد من دمج الصحف الموجودة وهي صحيفة السودان الحديث وصحيفة الإنقاذ ومجلة سودان ناو وصحيفة المخبر.
كان الحديث وقتها يدور همساً حول دمج الصحف ولكن يبدو أن الدولة تريد فعلاً أن تصدر صحيفة واحدة تتولى الدفاع عنها داخلياً والتصدي للإعلام الخارجي، وبالفعل صدر قرار بدمج الصحف في صحيفة واحدة، ولكن ما اسم هذه الصحيفة؟.. الأستاذ
“أمين حسن” كون عدة لجان لدراسة عدد من الصحف والمجلات التي تكون مصاحبة للصحيفة السياسية، فتكونت لجنة تعنى بالجريدة الاقتصادية والسياسية، وكونت لجنة لحصر ممتلكات الدور الصحفية، وقتها النفوس بين الصحفيين لم تكن طيبة فبدأت الصراعات خاصة صحيفة المخبر التي كان يتولى رئاستها الأستاذ “أحمد كمال الدين”، إضافة إلى الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” الذي كان يتولى رئاسة صحيفة السودان الحديث، وبعد قرار الدمج اختير مستشاراً للصحيفة الوليدة، ولكن يبدو أن “النحاس” لم يعجبه الحال، ولم يرضَ بالمنصب الذي اعتبره أقل من منصب رئيس التحرير، فلم يظهر مع اللجان التي كونت، ثم بدأت مشكلة اختيار اسم الصحيفة الوليدة، فكان هناك عدد من الأسماء المطروحة، ولكن الأستاذ “أمين” كان قد اختار اسماً للصحيفة الوليدة باسم الأنباء، وبدأت عملية تصميم الاسم والشعار ولكن كان دائماً يصر على ما اختار ورسا الأمر على اسم صحيفة الأنباء، وتم استئجار مبنى مكون من عدة طوابق بالخرطوم (3) وبدأت الصحيفة انطلاقتها في السادس والعشرين من مايو 1997م، ولكن العدد الكبير من الصحفيين لم يكن على قلب رجل واحد وبدأت التكتلات، القادمون من صحيفة الإنقاذ ومن السودان الحديث ومن سوداناو والصراعات بدأت هنا وهناك، وعلى الرغم من أن الصحيفة كانت قد صدرت في أكثر من عشرين صفحة وبصورة ممتازة، ولكن القارئ لم يألفها عندما علم بأنها صحيفة حكومية.
الدولة بدأت نفسها الصراع داخل الصحف، فكون المشير “الزبير محمد صالح” نائب رئيس الجمهورية صحيفة باسم الجمهورية ومنح أمر إصدارها للأستاذ “فتح الرحمن النحاس” ودفع مبلغاً كبيراً لإصدار هذه الصحيفة وبدأت الململة داخل صحيفة الأنباء الوليدة وبدأ بعض الصحفيين يتسللون إلى صحيفة الجمهورية، إذ كانت العروض الوظيفية عالية، وبدأ “النحاس” يرتب أمره لإصدار صحيفته، ولكن صحيفة الأنباء لم تسر كما كان يتوقع لها الأستاذ “أمين” وبدأت في شهورها الأولى تتعثر مالياً، فخيِّر الصحفيون بإلغاء وظائفهم وأخذ حقوقهم، وبالفعل قدم عدد كبير منهم استقالاتهم فغادروا الصحيفة.. ثم بدأ التعثر في دفع إيجار المبنى.. فانتقلت الصحيفة إلى المبنى الذي كانت عليه صحيفة لإنقاذ ببحري، وبدأت الصحيفة في الترنح شيئاً فشيئاً، ولم يجد الأستاذ “أمين” المساعدة من الدولة فتقدم باستقالته.